لا يمكن وصف الحالة التي كانت عليها بعض الشخصيات الأيام الماضية، إلا بالخيانة للوطن، و"التولي يوم الزحف"، حتى ولو كانت أعذار بعضهم السكوت عند الفتنة وعدم "صب الزيت على النار". وعلى الرغم من السنوات الطويلة جداً التي صبرت فيها المملكة العربية السعودية على "قطر"، إلا أن البعض يرون في قرار قطع العلاقة معها قراراً متسرعاً، حتى وهم يرون الحقائق أمامهم من خيانات وتواطئ مع الأعداء، ومحاولات زعزعة الاستقرار تارة، ومعارضة أي قرارات جماعية لدول المنطقة. واتخذت قطر بقيادة "حمديها" ومن ثم "تميمها"، مواقف كثيرة كلها تصب في خانة معاداة شعوب دول مجلس التعاون الخليجي، وهي تمارس هذه الألاعيب مستغلة التقارب الاجتماعي والديني بين شعوب المنطقة، فكان الصبر لعل من رجل رشيد يعيد هذه "الدولة" إلى أهلها، لكن كل الأمنيات ذهب أدراج الرياح مع انكشاف الأسرار يوما بعد آخر. وماذا تسعى اليه الدوحة عندما تحتضن رموز الإرهاب من جماعة الإخوان، وكل قيادي إرهابي؟ فهي تظن أن في التقارب بين الشعوب الخليجية فرصة للنيل وكيل الدسائس والمؤامرات، مستغلة صبر وطيبة قادة دول الخليج العربي. فإلى متى يستمر مسلسل "حب الخشوم"؟ ومن يراهن اليوم على أن السكوت في هذه القرارات الشجاعة فرصة لرأب الصدع بين دول مجلس التعاون الخليجي وإعادة المياه إلى مجاريها، هو في الحقيقة "واهم" و"خائن" لوطنه، فلا يمكن تجنب المشاركة في مثل هذه الأحداث بداعي الحرص على شعوب المنطقة، فالمملكة وغيرها من الدول التي قطعت العلاقة، أكدت أن الشعب القطري يبقى مكانه في القلب من المحبة، لكن المشكل في القيادة القطرية التائهة بين أحضان "عزمي بشارة" و"يوسف القرضاوي" و"عزام التميمي". ويعلم الجميع أن الإيدلوجية الدينية التي يمارسها دعاة الإرهاب والشر في قطر، إنما هدفها زعزعة دول المنطقة وجرها إلى حالة عدم الاستقرار، كما هو الحال في الأحداث الإرهابية التي عانت منها البحرين ومصر وليبيا وغيرها، والتي كانت تطبخ قبلاً في المطبخ القطري. وما أن حدث ما حدث، وقررت بعض الدول قطع العلاقة مع قطر، فإنه من الواجب حاليا البحث عن "الخلايا الإخوانية" النائمة، والتي كانت تروج للمشروع القطري التدميري، والتي كانت تستعرض فيما مضى بترددها على الدوحة، بل وتستعرض بالتقاط الصور مع مسؤولي قطر. نعم، الواجب اليوم أن نبدأ بمراقبة هؤلاء اللذين كانوا يترددون على الدوحة، فهم من كان يشجع ويلازم "القرضاوي" وبقية الإخوان، بل إن سير خط رحلاتهم السياحية "الخبيثة" واضح للعيان ولا يحتاج إلى معرفة، أبرزها الدوحة. حان الوقت أن يعي الناس حقيقة العقوق من قطر، وأن يستوعبوا معنى كلام الله عز وجل "يا أيها الذين آمنو إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم"، وقوله تعالى: "إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح". فالله سبحانه حذر من الأقربين وهم الأزواج والأبناء، فما بالكم بالجار الصغير. والأمل يحدونا في أن يكون هذا درساً قاسياً للدوحة، "لتتقي شر الحليم إذا غضب"، وأننا في مرحلة لا تتطلب منا المجاملة على حساب تقرير المصير، والانطلاق نحو تعزيز أمننا السياسي والفكري والاجتماعي. أما إن اختارت الارتماء في أحضان الأعداء، فهي اختارت مصيرها المظلم بنفسها، والأبواب لا زالت مشرعة ومفتوحة للعودة بعد تقديم الالتزامات الحقيقية التي تضمن عدم شق عصا الطاعة مع الجماعة.