يبدو أن قطر لم تدرك أن للصبر حدوداً وأن الموقف الخليجي والعربي الذي ظل طيلة سنوات مضت يغلب جانب الحكمة، والتعقل، وإفساح المجال كي ترعوي قطر عن غيِّها، وتعود إلى جادة الصواب كان من منطلق الحرص على قطر وأمنها ومصالح شعبها. تجاوزت قطر حد المعقول والمألوف إلى حافة الهاوية، وأمعنت في تعنتها، وعنادها، وتوغلت في مخططاتها التدميرية التخريبية حتى ضاقت الدول الخليجية والعربية ذرعاً بنزعة قطر الشيطانية وأعمالها الصبيانية والعبثية.. شق الصف الخليجي والعربي كان ديدن السياسة والإعلام القطري.. ومع هذا تحملت دول المنطقة وتحلت بالصبر.. لعل وعسى.. وكان الساسة القطريون يعتذرون ويعدون بالرجوع إلى الموقف المتسق مع ما تمليه ظروف المرحلة ولكن ما يلبث الموقف السياسي والإعلامي أن ينقلب على تلك الوعود وتعود «ريمة» إلى عادتها القديمة.. الهاجس القطري.. تحول إلى صداع ومصدر قلق لكل دول المنطقة وأصبحت «قطر» بؤرة تكاثر للإرهابيين وتمويلهم والتخطيط لإحداث «ثورات» في الجسد الخليجي والعربي تحت مسميات براقة وخادعة ترعاها «أكاديميات» و«معاهد» تستقطب الشباب لإحداث تغيير في الظاهر كما يزعمون.. ولكن في حقيقته سم زعاف.. فتن.. وفوضى.. ولعب وقمار سياسي.. وزعزة للأمن.. وتفكيك للمفاصل الحيوية.. واستقطاب لشخصيات سياسية وإعلامية مشبوهة لغسل أفكار الشباب.. وكان ما كان حتى تحولت «قطر» إلى جزيرة معزولة مليئة ب«الحقد» و«الخبث» و«التذاكي السخيف» وموئل للجماعات الإسلاموية والإرهابية.. دعماً وتمويلاً وتخطيطاً لزعزعة استقرار دول المنطقة وعرقلة مسيرتها، وبوق للتحريض والدعم اللوجستي والتخطيط الشيطاني الخبيث مكراً وسوءاً. فالقرار الذي اتخذته دول خليجية وعربية بقطع العلاقات مع قطر لم يكن مستغرباً ومفاجئاً.. وإنما كان متوقعاً في سياق تداعيات الموقف القطري المتخبط سياسياً وإعلامياً والمضطرب والمراوغ ما بين ما تكشفه علانية وما تبطنه سراً وتعمل من خلاله على إحداث «شرخ» في العلاقات الخليجية والعربية، وفتح ثغرة في جدار الأمن الخليجي والعربي ينفذ منها أعداء الأمة المتربصون وعلى رأسها العدو الفارسي الصفوي.. القرار أحدث «صدمة» لدى قطر.. وكان لابد من هذا القرار.. وإحداث هزة وزلزال.. علَّ الشقيقة الصغرى قطر أن تنضج وتعيد تأهيل نفسها وتصحيح مسارها وتصويب مواقفها السياسية والإعلامية.. وتعود إلى موقف الإجماع الخليجي الذي حددته المواثيق والعهود بعيداً عن افتعال المشاكل والتخبط السياسي والإعلامي في أكثر من اتجاه والتدخلات الصبيانية في شؤون الدول الأخرى.. الآن حصحص الحق.. ولا مجال للالتفاف والمزايدة والمكابرة.. المطلوب من قطر أن تخلع جلبابها القديم القمئ.. وتتبرأ من مواقفها وأفعالها المخزية وتعود إلى بيتها الخليجي الذي فيه أمنها واستقرارها وازدهارها. [email protected]