للمثقفة السعودية حضورها المميز في الساحة الأدبية سواء في مجال الشعر أو القصة أو غيرها من الفنون الأدبية الأخرى ولكن في المجال النقدي حضورها لايوازي حضورها في المجالات الأدبية الأخرى وللحديث حول هذا الحضور التقينا بعدد من الأدباء والأديبات في الساحة الأدبية. في البداية قال الناقد د. معجب العدواني: لا تكمن مشكلة النساء السعوديات اللائي يشتغلن في الحقل النقدي في أعداد الناقدات؛ فقد ظهرت أسماء كثيرة برزن منذ منتصف التسعينات تقريبا، ولا يزال ظهورها يترى حتى اللحظة الراهنة، لكن المشكلة تبدو متصلة بالاستمرارية، التي تؤطر ظهور اسم ما، أو يتلاشى بعد ظهوره. ومن الجدير أن نشير إلى استيعاب الحقلين الأكاديمي والإعلامي لتلك الأسماء التي تفاعل المشهد النقدي مع حضورها، وأضحت جهود بعض الأسماء علامة من علامات الوسط الثقافي السعودي، وكان ذلك ولا يزال في صور منها: رسائل جامعية في النقد الأدبي بشرت بظهورها، أو مقالات نقدية رصينة رسخت حضورها، أو إصدارات منشورة في كتب ومقالات محكمة أكدت عمقها المعرفي. وأحسب أن النقد السعودي يضم ثلاث موجات نسائية، تشكل الأولى منها أسماء وازنة ورائدة؛ لها إسهاماتها الفاعلة التي تجلت في القنوات الثلاث السابقة. وأعقب ذلك جيلان متعاقبان من الناقدات اللائي تبلورت جهودهن في رسائل جامعية ومشاركات في المؤتمرات والندوات المحلية، وتتسم تجربة النقد النسائي السعودي بعمق في الرؤى وتجريب في الطرح، واطلاع دائم على مكتسبات النقد العالمي. وأعود إلى القول: إن استمرارية عطاء الأجيال النقدية المشار إليها، والتعامل مع النقد النسائي على أساس كونه جانبا حيويا، يظل مهما لثقافتنا، حتى لا يتوقف منجز المرأة النقدي الذي أسهم ولا يزال في إنتاج الوعي في بلادنا. أما د. نايف الجهني ناقد وروائي فيقول: بالنسبة للإبداع النسوي أو النسائي يكاد يكون حاملا للعديد من المضامين المتميزة سواء على مستوى الشعر أو الرواية أو مستوى القصة وما ألاحظه في الآونة الأخيرة تميز العديد من القاصات في كتابة القصة القصيرة وهذا يدل على أن هناك حركة إبداعية متدفقة لدى المرأة تتمثل وتتشكل في عدد من الأشكال والجناس وقد يكون غياب المرأة في الجانب النقدي ناتجا عن أسباب عديدة أهمها أن النقد ظل لفترة طويلة محصورا بين أسماء نقاد معينين ويكاد يحس القارئ أن هؤلاء هم النقاد الوحيدون الذين يمكن أن يكتبوا في النقد وهذا غير صحيح فهناك أسماء نقدية شابة سواء فيما يخص الجانب الرجالي أو النسائي ولكن نظرا لأن النقد يتطلب مزيدا من الجرأة والشجاعة ومزيد من القسوة أو الصرامة إذا جاز التعبير والمرأة لاتصل إلى تحقيق هذا بالشكل الكامل وخلال إطلاعي ومتابعتي أرى أن هناك أقلاما نقدية نسائية لامعة وجادة خاصة لدى الباحثات في مجال النقد والبلاغة والأدب في الجامعات ولكن حضورهن الإعلامي يكاد يكون قليلا أيضا من الأسباب الخاصة بغياب الإبداع النقدي النسائي عدم وجود حلقات أو ورش عمل نقدية تلتقي فيها هذة التجارب سواء من الجانب النسائي أو من الطرف الآخر لينظروا إلى المسألة بأنها تتطلب بناء تجربة متكاملة للنقد بعيدا عن هذا التصنيف وأنا لست مع تصنيف أن هناك إبداعا نسويا أو ذكوري الإبداع هو الإبداع والإنسان هو الإنسان لكن قد تظهر مثل هذا الملامح المتعلقة بالتصنيف نتيجة وقوعها تحت تأثير موجات فكرية معينة أو حتى إجتماعية وأرى أن مستقبل النقد القادم سيكون للمرأة إذا ماحاولت أن تتخلص من ربط الجانب الشخصي بالجانب الإبداعي في النقد وإذا إستطاعت أن تتواصل بشكل مباشر مع التجارب والملتقيات والحوارات الإبداعية والفكرية الأدبية المتعددة لتستطيع أن تصل إلى حالة من النضج في التعامل مع كافة الإبداعات من خلال الأداة النقدية. وبالنسبة لي أرى أن هناك قصورا أو عدم اتساع لدائرة النقد بشكل عام في مشهدنا الثقافي المحلي وهذا يرتبط بعدم وجود حركة إبداعية فاعلة وربما أخذت تعدد وسائل الاتصال والتواصل والإنترنت أخذ العديد من هذه التجارب أو شتتها أو فرق بينها فلم يعد المشهد متماسكا تستطيع أن تحكم عليه بشكل كامل. د. لطيفة البقمي: ضعف الاهتمام الإعلامي أخّر بروزهن من جهتها تعتبر د. لطيفة البقمي أستاذ الأدب الحديث المشارك جامعة الطائف أن النقد مسألة تتعلق بالتعليم وبالتخصص الدقيق المفترض توفره في الناقد وتضيف: النقد بات علما كغيره من العلوم الإنسانية، فهو خطاب جمالي منطلقه علمي أكاديمي، والنقد يشترط الذائقة الفنية الذاتية كما يشترط توفر الأدوات الفنية. لذا يجب على المرأة الناقدة أخذ أفق النقد على محمل الجد، وأن تشتغل مليا على أدواتها ثقافة وصقلا كي تتصدى للنص المنقود. وتلفت البقمي إلى أنها تلحظ ضعفا في ظهوره الناقدة الإعلامي ومشاركتها في الأنشطة الثقافية، وترجعه إلى عدة أسباب منها الدعوات التي تقتصر في الغالب على النقاد الذكور أو بعض الأسماء التي تتصدر المشهد الثقافي المحلي وما يحمله هذا من تشكيك في قدراتها النقدية مما يجعلها تعيش في عزلة ثقافية، كذلك ضعف الاهتمام الإعلامي بالناقدة السعودية ونتاجها النقدي. سارة الخثلان: رقة المرأة تقلل من توهجها في مجال النقد ولتفادي هذا التغييب ترى البقمي أنه ينبغي إتاحة الفرصة لها وتوسيع دائرة مشاركاتها الثقافية لتمثل المملكة في المحافل المحلية والخارجية، وتسليط الضوء إعلاميا على دراسات المرأة النقدية التي تزخر بها الجامعات السعودية. الأديبة سارة الخثلان لم تدل بإجابة مباشرة لكنها اكتفت بالقول: فِي الحقيقة أقول لكِ بكل إيجاز: مهمتي أن أكتب ما بداخلي من مشاعر وأمنيات وأحلام وليس من مهمتي أن أفكر في مشاعر الناس وشكل نبضهم الذي قد يكون بعيدا عن نبضي في الأغلب المرأة رقيقة المشاعر، وفِي المشاع المرأة إذا قررت أن تقول الحق فإنها عاصفة صريحة وهذا ربما يقلل من حبها لهذا المجال. د. أسماء الجميعي : هناك الكثير من المبدعات في النقد د. أسماء الجميعي أستاذ البلاغة والنقد المساعد بكلية الآداب جامعة الطائف ترى أنه ليس بالضرورة هناك مشاركات في فنون الأدب ولعل النقد الأدبي هو الغالب لوجود عدد من المختصات في هذا الفرع من المعرفة ثم قد يكون لإبداع الشعر وفن الكتابة مايقف عائقا أمام بعض المشاركات. ويعتقد د. يوسف العارف أن المقولة بضعف تواجد الناقدة السعودية غير صحيحة لأن الناقدات السعوديات أصبحن ينافسن الرجل وربما أكثر في المشهد الثقافي يعني يكتبن ويحضرن رسائل علمية سواء ماجستير أو دكتوراه ولهن جهود نقدية مثال ذلك تواجدهن في نادي الرياض الأدبي ونجد أكثر من 7 أوراق عمل لناقدات سعوديات وفي جدة الكثير من الناقدات ولهن حضور قوي وكذلك في كل الأندية الأدبية على مستوى المملكة وربما حضورهن الإعلامي هو الذي غيب الناقدة ولكنها حاضرة على مستوى الدرس النقدي وعلى مستوى الكتابة النقدية متواجدات. وتتفق مع العارف الأستاذة الكاتبة حليمة مظفر إذ تعتقد أن هناك عددا كبيرا من الناقدات السعوديات ولكن في الساحة الإعلامية لسن ظاهرات وهناك أسماء مميزة في هذا المجال أمثال د. لمياء باعشن ود. فاطمة الياس ود. نجلاء المطري والأستاذة فاطمة الوهابي وغيرهن مجموعة ليست بقليلة في الساحة ربما الإعلام لا يظهرهن، وقس على ذلك الرسائل العلمية في الجامعات بأقسام اللغة العربية معظمها في النقد فهذا يعني وجود ناقدات على مستوى النقد وعلى مستوى الأستاذات في اللغة العربية إنما كما قلت سابقا ظهورهن الإعلامي ربما يكون مقلاً أو الخطأ في الصحف التي لاتظهر إلا أسماء معينة مستهلكة وكثير من الصفحات الثقافية في الصحف لا تسعى لإظهار أسماء جديدة وهي موجودة ولكن هل لدينا صحافة تهتم بإظهار أسماء جديدة هذا هو الدور الأهم والأبرز وهذا أيضا لايعني إبراز أي اسم. د. علي المالكي: العملية النقدية تحتاج إلى عقلية صارمة د. علي المالكي وكيل كلية الآداب وأستاذ مساعد في قسم اللغة العربية جامعة الطائف يربط الأمر بسيكولوجية المرأة ويشير ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم رأفة الأم ولم يذكر رأفة الأب الأمر الذي يؤكد التصور العاطفي لسيكولوجية المرأة. ومن هذا المنطلق النفسي يجد المالكي ما يشبه التبرير لكثافة حضور المرأة على خارطة الكتابة الإبداعية وتضاؤل وجودها على الساحة النقدية مرجعاً ذلك إلى العملية النقدية وما تحتاجه من عقلية صارمة ويستدرك المالكي بقوله: أنا هنا لا أنفي وجود عدد من الناقدات العربيات مثل يمنى العيد ونوال السعدواي وهدى رشيد وفاطمة المرنيسي والسعوديات مثل د.سعاد المانع ود.أميرة كشغري ود.لمياء باعشن اللائي يمتلكن العقلية النقدية المتميزة ويتعاملن مع النصوص بأسلوب عملي ومنهن من تفوقت على بعض الرجال والمتخصصين ولكن يبقى حضوراً خجولاً. وهذه ظاهرة على مستوى العالم وليست محصورة في مكان معين وهو برأيي ما يؤكد السبب المنبثق من طبيعة التكوين النفسي للمرأة. عبدالهادي صالح: هناك مستقبل مشرق للناقدة السعودية ويقول الشاعر والناقد عبدالهادي صالح: في مؤتمر الأدباء الخامس 2016م استمعت الى عدد من الاوراق المقدمة من سيدات يبشر بمستقبل مشرق للناقدة السعودية حتى وان كان عددهن قليلا، المهم هو الأداء النقدي والرؤية الفنية في تحليل النصوص وفك رموزها، وتقديم النص الموازي للعمل الإبداعي إن كان شعرا ام نثرا والرغبة في الاكتشاف وإيجاد الحلول للمشكلات البحثية حتى تضيف الى المكتبة العربية مؤلفا ذا قيمة علمية. ويضيف: كما لا يجب ان نتجاهل شروط البيئة الأكاديمية في بعض الجامعات التي تحدّ من التجريب في خوض بعض المشكلات البحثية والتي لا تراها تلك البيئة مناسبة لشروطها رغم أن الكاتبة تملك مهارات كتابية لافتة ولديها الرغبة في تحقيق الانجاز، وهذا بالتالي يؤثر في جدية البحوث النقدية التي تكتبها المرأة ما يعيقها أو يخضعها بالضرورة لتلك الشروط لتتحصل على درجتها العلمية ومنفعتها الشخصية بعيدا عن قوة البحث المقدم او الرغبة في الارتقاء بالبحث العلمي ومواكبته للعصر الذي يعيش فيه. معجب العدواني:الاستمرارية تؤطر ظهور الناقدة د. يوسف العارف: الناقدة السعودية تنافس الرجل في المشهد الثقافي د. نايف الجهني: النقد يتطلب جرأة وشجاعة ربما لايتحقق في المرأة حليمة مظفر: للأسف الصحف لا تظهر إلا أسماء معينة مستهلكة د. لمياء باعشن