رحل الكثير ممن أحببناهم وأحبونا، وسنرحل أيضا. لكن هناك بعض من يرحلون يتركون أثرا في النفوس وخاصة عندما يكون الراحل عنا رمزاً مثل تركي السديري وهذا الأثر الذي صدمنا به, حق لنا أن نحزن له.. والرمزية الضخمة هنا ليست لقاء عابرا، بل هي معايشة سنين، كان لنا خلالها الشرف في تلقي توجيهاته، وكنا نسعد دائما عندما كان يشاركنا همومنا ويتفهم أوضاعنا، وقد أعطانا من توجيهاته الشيء الكثير والاستفادة القصوى. توجيهات أخوية أو أبوية أو إدارية أو انسانية, كل هذه التسميات حصلت. قد يكون ذكر الصفات الجميلة لأي شخص نابعا من إعجابك به أو تأثرك به ولكن أصدق الأوصاف هي التي تستخرج من الصور الاجتماعية والمواقف الميدانية لأننا مهما أدخلنا فيها من جماليات فإنها لا تصل إلى المتلقي إلا كما هي وكما جاءت في الواقع في الجانب العملي تعلمنا منه الانضباط والتفاني وما زلت أستفيد مما تعلمته إلى الآن وفي الجانب الاجتماعي له مواقف نبيلة لا يمكن حصرها, فاض منها علينا كثير من العطاء والبذل والجميل كان متواضعا جدا لدرجة حرصه على أن نخاطبه بالزميل ولا يقبل منا المدح والمبالغة بالكلام الجميل، ولكنه فيما يخص الجريدة كان ينبهنا دائما إلى مخاطبة أصدقاء الجريدة وكتابها بالخطاب الرسمي وبالألقاب التي يحملونها. وهذا ما تعلمناه من أستاذنا الحبيب وما زلنا نستفيد منه في أرض الواقع هنالك صور عديدة من العلاقة الجميلة التي جمعتنا بأستاذنا والتي تعلمنا منها الأشياء الكثيرة في الجانب العملي والجانب الإنساني ولا أبالغ حين أقول إننا تعلمنا منه فنيات التعامل مع الآخرين وجماليات الخطاب واللقاء، إنه أستاذنا ومعلمنا وأبونا وأخونا وموجهنا قبل أن يكون مديرنا رحمك الله يا تركي السديري وجزاك الله عنا خيرا وجعل نبلك الإنساني في موازين حسناتك.