السوق العقاري لازال متماسكاً مقارنة بما حدث منتصف الثمانينيات وأيضاً في بداية التسعينيات وكذلك مع الأزمات السياسية والاقتصادية منذ بداية الألفية الميلادية وحتى أزمة الرهن العقاري في أميركا عام 2008م التي انهار معها الكثير من الأسواق العالمية. سوقنا العقاري مَرّ بتحولات كثيرة بدأت بسلبيات أثّرت على المستهلك النهائي الذي عانى كثيراً من تشوهات السوق ومنها اكتناز الأراضي وتضخيم أسعارها والمتاجرة بها من قبل مجموعة منتفعة تتبادل المصالح فيما بينها على حساب مواطن يبحث عن مسكن يناسب أُسرته ودخله، بالإضافة لعدم وجود جهة تنظم هذا السوق وتراقبه وتحد من أضراره على الوطن والمواطن. منذ ثلاث سنوات تغيرت أمور كثيرة، وكانت البداية لتصحيح كثير من تلك التشوهات التي طالت سوقنا العقاري وكان أسوأ ما فيها استغلال حاجة المواطن للسكن، من خلال تضخيم الأسعار وتقديم منتجات لا يتوفر فيها الحد الأدنى من الجودة وبمشاركة مستثمر وممول جشع وشركات مواد البناء والمقاولات ومؤسسات تطوير عقاري كبرى ومتوسطة وصغيرة. هناك من يعزو تصحيح وضع السوق العقاري وانخفاض الاسعار الى حملات المقاطعة فقط، وفريق آخر يرى ان الدولة كان لها الدور الأكبر في ذلك، والحقيقة ان جميع العوامل ساهمت في ذلك. المستهلك النهائي الباحث عن عقار للتملك وليس المتاجرة هو من ساهم بالدرجة الأولى في كبح جماح هذه التشوهات لسببين الأول ان الاسعار وصلت الى سقف يتجاوز قدرته الشرائية بمراحل ومن هنا عزف وانتظر مضطراً وبقي على الايجار، والسبب الثاني هو ارتفاع مستوى الوعي. سوقنا العقاري بخير لأنه في طريقه إلى التصحيح ثم التوازن خلال الخمس سنوات القادمة والله أعلم، فقد انتهى زمن الاكتناز والاحتكار والمضاربة الى غير رجعة، والحلول الجماعية من قبل الدولة ووزارة الإسكان قادمة رغم بُطئها وستظهر نتائجها خلال ثلاث سنوات بإذن الله، الاسعار لن ترتفع بشكل عشوائي كما حدث في السابق بل هي في نزول تدريجي حتى مرحلة التصحيح والتوازن، والتطوير الوهمي والمساهمات العقارية المضروبة انتهت. عندما أقول إن السوق بخير فهذا يعني ان العقار بإذن الله سيكون في متناول غالبية المواطنين، والاستغلال والمضاربة والمتاجرة بأموال المحتاجين قد ولت إلى غير رجعة. الانهيار الذي يتحدث عنه البعض غير واقعي وما يحدث هو تصحيح، فالتضخيم والمبالغة في الأسعار قد انتهى، ومعظم المطالبين بالمقاطعة ورفض الحلول التي تقدم من الدولة والقطاع الخاص هي مجرد تنفيس لأُناس لا يستطيعون التملك حتى مع أسهل الحلول. من يعتقد أن انهيار السوق العقاري في مصلحة الجميع فهو مخطئ، لأنه أحد أركان الاقتصاد الوطني، وهناك فرق بين أن يكون التصحيح هو المطلب وبين انهيار سوق تُقدر قيمة التداول فيه بمئات المليارات من الريالات سنوياً والجميع يتعامل فيه.