وسط أجواء الحفاوة وكرم الضيافة التي استقبلت فيها الرياض العائلة الأميركية الأولى ومسؤولين في الإدارة الأميركية، برزت قمم الرياض مهرجان لتجديد العهد بين الحلفاء التاريخيين، وليؤكد ترمب من خلال زيارته "السعودية أولاً" على الدور الاستثنائي والمتفرد للمملكة وموقعها المحوري على المستوى العالمي، والقيادي على مستوى العالم الإسلامي. فالمملكة ليست البلد الأول في الشرق الأوسط التي زارها الرئيس ترمب وحسب، بل الزيارة الأولى لترمب بصفته الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة الأميركية وما ترمزه هذه الخطوة من تأكيد من البلد الأقوى في العالم على على الدور القطبي للمملكة في شؤون السياسة والاقتصاد والأمن العالمي. وتتميز الزيارة أنها أسست لخطة عمل بعيدة المدى، ليستفيد منها أجيال عديدة قادمة في كلا البلدين، وكانت أولى ثمرات هذه الزيارة تكريمها بحزمة من الاتفاقيات وقعها كل من خادم الحرمين الملك سلمان والرئيس دونالد ترمب، حيث تضمنت تدشين مشروعات عديدة في المجالات العسكرية والاقتصادية تعتبر من أضخم الشراكات التي عقدتها الولاياتالمتحدة على الإطلاق. وصرح وزير الخارجية الأميركية ريكس تيلرسون حول الاستثمارات المشتركة، أن من شأن هذه الاتفاقيات تعزيز التبادل المعرفي وبناء استثمارات تجارية وصناعية عملاقة توفر فرص العمل للمئات الآلاف من مواطني البلدين. كما تبادل كل من ولي ولي العهد، وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، ووزير الخارجية الأميركي تيلرسون مذكرتين بين حكومة السعودية ونظيرتها الأميركية ممثلة في وزارة الدفاع، من أجل رفع قوة القوات المسلحة السعودية وتزويدها بأحدث الاختراعات العسكرية والتكنولوجية. على الصعيد القطاع الصناعي، تم توقيع اتفاق من أجل تصنيع طائرات «بلاك هوك» العمودية في المملكة، إضافة إلى اتفاقات أخرى في مجال الصناعات العسكرية والنفطية مع البدء بشراكات في مجال الطاقة والاستثمار في البنى التحتية، ومن الاتفاقيات كان التوقيع مع أرامكو في مجال خدمات النفط والغاز إضافة إلى صفقات في مجال التعدين وتطوير القدرات البشرية. وتأتي الاتفاقيات التي وقعت بين البلدين بعد دراسات إستراتيجية طويلة استلهمتها من رؤية السعودية "2030" حيث تشكل الصفقات العسكرية مع أميركا بحسب البيت الأبيض عاملا مدعما لأمن المملكة والخليج على المدى الطويل في مواجهة النفوذ الإيراني كما ستخلق الصفقات التجارية بين البلدين فرص عمل جديدة. كما أن هذه الاتفاقيات ستطور القطاع الصناعي السعودي في جميع المجالات، حيث ستستفيد الخبرات السعودية في مجال الهندسات المتعددة والعلوم التقنية من تطوير خبراتهم والإضافة عليها من خلال الشراكات مع مؤسسات صناعية أميركية وما يعنيه هذا من نقل الخبرة والمعرفة. إثر ذلك ستكون المملكة هي البلد العربي الأول الرائد في مجال الصناعات الضخمة مثل الطائرات كما سنرى صناعات نوعية كتب عليها صنع في السعودية. أميركياً، صرحت شركة "لوك هيد مارتن" في بيان لها وهي واحدة من أكبر الشركات في العالم في مجال التكنولوجيا العسكرية بأن الشراكة التي وقعتها مع شركات سعودية سوف تساهم في رؤية 2030 وذلك عبر فتح أبواب العمل للآلاف في مجالات احترافية عالية وبقطاعات اقتصادية جديدة. كما أن نتائج هذه الزيارة تتماشى مع إستراتيجية إدارة الرئيس ترمب الخارجية وهي تعزيز وإعادة إحياء العلاقات مع الدول الحليفة للولايات المتحدة بعد أن تعرضت لبعض البرود خلال حكم الرئيس السابق باراك أوباما. كما أنها تعبير صريح عن خط الإدارة الأميركية الهادف إلى تحجيم إيران، وإعادتها إلى وزنها الطبيعي، خاصة أن الزيارة جاءت بعد خطوات سابقة كانت قد اتخذتها الإدارة الأميركية بغية التقارب مع الخط السعودي حيث بدأت بتصعيد الدعم الأميركي للتحالف العربي في اليمن، ثم بضرب مطار الشعيرات للنظام السوري والمليشيات المدعومة إيرانيا ب59 صاروخ توماهوك ثم توجيه ضربات لرتل من المليشيات الطائفية العراقية المدعومة من إيران في منطقة النتف الحدودية لأول مرة داخل سورية، إلى العقوبات المتعاقبة على متعاملين مع المليشيات الإرهابية المدعومة إيرانياً.