سعود بن نهار يشارك قادة ومنسوبي القطاعات الأمنية في الطائف الإفطار الرمضاني    الأهلي يقترب بثلاثية    عقدة غياب الدون تطارد العالمي    وزير الدفاع يبحث مع نظيره السلوفاكي المستجدات    دعم سعودي لمرضى الفشل الكلوي باليمن    أمير المدينة المنورة يكرَّم الفائزين بجوائز مسابقة «منافس» الوطنية للطلاب المتميزين    ليلى عوض.. الغياب الذي لم يمحُ الأثر    شرطة الرياض تقبض على (6) مصريين إثر مشاجرة لخلاف بينهم في مكان عام    القمة العربية تتبنى الخطة المصرية لإعمار غزة    نيفيز ينقذ جيسوس من ورطة الظهير    "الربيع" يدشن مركاز حي الروضة الرمضاني بالمحلة غوان    وزيرة الخزانة البريطانية: سنتأثر بالرسوم الجمركية الأمريكية    أفضلية طفيفة لباختاكور في أوزبكستان بعد أداء باهت من الهلال    أمريكا تدرج الحوثيين على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية    مصر تعزز احتياطيات الذهب.. اشترت 18,1 ألف أوقية    البطالة في «اليورو» تستقر عند أدنى مستوياتها منذ 1998    الكرملين: بوتين يوافق على وساطة بين واشنطن وطهران    عصام الحضري يهاجم حسام حسن «لا شكل ولا أداء ولا فكر»!    سيميوني وأنشيلوتي.. مواجهة كسر عظم    المرصد الإعلامي ل"التعاون الإسلامي": اعتداءات قوات الاحتلال على المساجد في الضفة الغربية تصل ذروتها    نيابة عن ولي العهد.. وزير الخارجية يصل القاهرة للمشاركة في القمة العربية غير العادية    192 نقطة انخفاض للأسهم.. التداولات عند 6.4 مليار ريال    فيصل بن فهد بن مقرن يطلع على برامج جمعية الملك عبدالعزيز الخيرية بحائل    "الجميح للطاقة والمياه" توقع اتفاقية نقل مياه مشروع خطوط أنابيب نقل المياه المستقل الجبيل - بريدة    مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية يجدد مسجد الدويد بالحدود الشمالية ويحفظ مكانته    هطول أمطار في 6 مناطق.. والمدينة المنورة تسجّل أعلى كمية ب13.2 ملم    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تعزز أعمالها البيئية بانضمام 66 مفتشًا ومفتشة    1.637 تريليون ريال إيرادات ⁧‫أرامكو بنهاية 2024 بتراجع طفيف مقارنةً ب2023    أكبر عذاب تعيشه الأجيال ان يحكمهم الموتى    من الرياض.. جوزيف عون يعلن التزامه باتفاق الطائف وسيادة الدولة    الإيمان الرحماني مقابل الفقهي    في بيان مشترك..السعودية ولبنان تؤكدان أهمية تعزيز العمل العربي وتنسيق المواقف تجاه القضايا المهمة    أبٌ يتنازل عن قاتل ابنه بعد دفنه    تعليق الدراسة وتحويلها عن بعد في عددٍ من مناطق المملكة    قدموا للسلام على سموه وتهنئته بحلول شهر رمضان.. ولي العهد يستقبل المفتي والأمراء والعلماء والوزراء والمواطنين    مهرجان "سماء العلا" يستلهم روح المسافرين في الصحاري    منعطف إجباري    ذكريات الحارة    عقوبات ضد الشاحنات الأجنبية المستخدمة في نقل البضائع داخلياً    غزارة الدورة الشهرية.. العلاج (2)    تعليم الطائف ينشر ثقافة الظواهر الجوية في المجتمع المدرسي والتعليمي    نائب أمير منطقة مكة يستقبل مدير عام فرع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف    الأمير سعود بن نهار يستقبل المهنئين بشهر رمضان    قطاع ومستشفى تنومة يُنظّم فعالية "اليوم العالمي للزواج الصحي"    أمير القصيم يرفع الشكر للقيادة على إعتماد تنفيذ مشروع خط أنابيب نقل المياه المستقل (الجبيل – بريدة)    جمعية «أدبي الطائف» تعقد أول اجتماع لمجلسها الجديد    والدة الزميل محمد مانع في ذمة الله    حرس الحدود ينقذ (12) شخصًا بعد جنوح واسطتهم البحرية على منطقة صخرية    وزارة الشؤون الإسلامية تنظم مآدب إفطار رمضانية في نيبال ل 12500 صائم    «الغذاء والدواء»: 1,450,000 ريال غرامة على مصنع مستحضرات صيدلانية وإحالته للنيابة    خديجة    المشي في رمضان حرق للدهون وتصدٍ لأمراض القلب    تأثيرات إيجابية للصيام على الصحة النفسية    أطعمة تكافح الإصابة بمرض السكري    قال «معارض سعودي» قال !    6 مجالات للتبرع ضمن المحسن الصغير    التسامح...    الشهادة التي لا تسقط بالرحيل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تركي.. لا يُدفن القلم
نشر في الرياض يوم 23 - 08 - 1438

قيل: عاش الصحافة عقوداً وعاش المروءة والنبل أضعافاً مضاعفة، وقيل: شَهِدَتْ له مواقف حتى مع خصومه.. وقالوا: كان بالفعل فارس المهنية والإبداع.. وكذلك: بوفاةِ تركي السديري تُطوى صفحة مهمة من صفحات الإعلام السعودي المعاصر.. وصدق من قال: أمثاله يبقون معنا دائمًا، وإن رحلوا.
بكلمات كهذه مَلَأَت الصحف وفاضت من مواقع التواصل وعَبَّأت شاشات الفضائيات وانتقلت من هاتف إلى آخر، شَيَّعَت المملكة يراعها ومحبرتها، صاحب القلم والموقف، الشهمَ ذا المروءة، أحدَ الندرةِ الذين كانوا يكتبونَ ما يفعلون، عاشوا ليجسِّروا الهوة بين واقعهم وما يؤمنون به.. عميد الصحافة الأغلى، ركن إعلامي فقدناه، وفي اللحظة التي وُسِّد فيها تراب بلاده، افتقدناه..!
وكنتُ أُقَلِّب كفَّيَّ كلما رأيته في حوار أو مداخَلَة.. أتعجب من رجل إِنْ سُئل أجاب دون تحرج، يُطرح التساؤل أيًّا يكن، فترافقه معه الإجابة ترافُقَ متلازمين.. لن تُحرِجَه.. لا يشعر بالحرج من عاش متسقًا مع ذاته، مستقيمًا مع قيمه، متوحِّدًا مع مبادئه.. يعلم لبلاده حقَّها، ولأسرته حقًها، وللقيادة نصيبها، وللإله مقامه، فكأنه طبيب يحسن موازنة موادّ الشفاء، يخلطها خلط كيميائي محترف.. يجرب بحكمة الخبير الدواء النافع، الذي يطمئن القلوب، ويخزي السرطان، ويحقق النجاعة، سأَلَتْه مذيعة عن راتبه، فأجاب ببساطة يحسد عليها، معددًا ما ناله من الصحافة منذ بدأ العمل بها، في حقبة لم تكن تسمح ببروز الأنصاف، أو قليلي الموهبة.. صنع زاوية وسماها (لقاء)، أتراه كان يستبشر بلقاء قريب عند ملك الملوك، حيث يُنتصف للمظلوم ويقتص من الظالم؟! لذا كان في كل طلة يحيينا بيديه ويقولها قلبه: ألقاكم في فسحة الجنّة وبحبوحة الخلود..!
لقَّبَه الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز ب(ملك الصحافة).. ملك يكافئ ملكًا، ثلاثًا وسبعين حولًا يخط على الرمال الحلم، ويرسله إلى المطبعة مبكرًا ليقرأه إخوانه مع قهوتهم الصباحية، ثلاثًا وسبعين خطوة أَعْجَزَ بها راكبي الطائرات وعَدَّائي المملكة.. ثلاث وسبعون صفحة من جريدة تلتهمها في الصباح، فتعرف منها حقائق السياسة، وخداع فارس، وجهود المملكة، وتفهم منها كيف تصاغ العناوين دالة على المضمون الصادق. ثلاث وسبعون كلمة تصف لك كيف تلقى ربك طاهرًا، وكيف تجافي دنس الكهان، وحارقي البخور، ومضلِّلِي الوعي. ثلاثة وسبعون يومًا هي عمر عاشه السديري، فكأنه وَسَنَ داعب العينين.. وحين حلا النوم في العيون، ابتسم لنا ومضى.. تاركًا طلابه بذورًا، وأنفاسه دافئة، تصدر باسمها صحافة الغد، تشيِّعه دموع أحبائه، وتلفُّه دعواتهم.
تشرفت بصداقة د. هند السديري، ابنته البارة، والأستاذة الدينامو كما نلقبها في الأوساط الأكاديمية، فشرفت بمعرفته، هي صورة منه، في الجد والتفاني، في الأمل والطموح، في عفة اللسان وصدق الخاطر ومثالية الرؤية، إذا دَمَعَتْ تغيم الدنيا، ويمطر السحاب دماء قانية.. وحين تبتسم تريك تفتح الأزهار وكيف تعوم الطيور في بحر السماء، وحين تعمل.. وحين تعمل تتحول الدنيا إلى نظام، فتصطف الأشجار، وتتوقف الريح، وتسكن الضوضاء.. هكذا كان الفقيد الراحل رجل عمل ونظام، يكتب الكلمة فتعصف بالمهتزين، وتوتر المرتعشين، وأصحاب المصلحة.. ويكتب الأخرى فيهدهد قلب أم فقدت ابنها الجالس على ثغر الحدود، ويشحذ همم شباب يخترقون الجدران، ويعبرون الحدود، ليصنعوا المعجزات.
أسلَمَتْه أيدي إخوانه إلى رحمة الله، فدُشنَ وسم باسمه، بعد أربع ساعات فحسب، صار الوسم الأول في المملكة، ويزاحم في العالمية، لا يسابقه سوى ذكر المآثر والتغني بالأمجاد، فهذا يقول: كم كان بارًّا بأمه، وذلك يقول: ربَّى فأحسن التربية، وهؤلاء يذكرون موقفه في فضح الفساد، وكشف الظلم، ونصرة بلاده وأهله.. والجميع يترحمون على تركي الذي لا يعوَّض.
وأنا بعين دامعة وقلب متلهف أودِّعه: اللهم كما أنار لنا عقولنا، أَنِرْ له قبره مد بصره.. اللهم كما صَدَقَنا فكانت كلمته شرفًا، اصدقه وعدك للمتقين، اللهم كما شفق علينا ودمع وخشي، ارفق به وارحمه وأدخله في أهل جناتك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.