أوضح الدكتور يوسف بن عبدالله العريفي -أستاذ الحاسب التعليمي المساعد، قسم تقنيات التعليم كلية التربية، جامعة الملك فيصل-، أن مواقع الإنترنت وتطبيقات الهواتف الذكية تقذف بملايين المعلومات والأخبار (طوفان معلوماتي) والتي تستقبلها عقولنا كل لحظة، والتي ربّما فاقت كمياتها الطوفانية قدرة عقولنا على استقبالها وهضمها. وقد تسبب ذلك في زيادة الحمل المعلوماتي على عقولنا، والذي اصطلح على تسميته في السنوات الأخيرة بالسمنة المعلوماتية Information Obesity. مشيراً إلى أنه يغلب على هذه المعلومات أنها غير نافعة وغير مدققة، لذا فإن الاستهلاك الكثير لها يشعرنا بالتخمة المعلوماتية في الوقت ذاته لا يرفع مستوى قدراتنا العقلية وبصيرتنا المعرفية. مبينا أن السمنة المعلوماتية هي الحالة التي نكون عليها حين تمتلئ عقولنا بالكثير من الأغذية المعلوماتية غير النافعة وربما المضرة وغير المنظمة والمشتتة، كرسائل الواتساب والجوال والبريد الإلكتروني وغيرها من المعلومات غير المفيدة. وبعبارة أخرى، هي الفشل في تحويل المعلومات التي تردنا إلى معرفة مفيدة، وتراكمها في عقولنا بحيث تضرنا ولا تنفعنا. مضيفاً أن هناك دراسات غربية تناولت مشكلة السمنة المعلوماتية منذ السبعينيات الميلادية، وبعدد كبير من الدراسات؛ لكن تحت اسم زيادة الحمل المعلوماتي information overload، حيث لم يتبلور في ذلك الوقت مصطلح السمنة المعلوماتية، والذي لم يظهر إلا مع ظهور الجيل الثاني من الويب (Web 2) وذلك بعد عام 2005، وتحديداً عام 2009 حين ظهر كتاب السمنة المعلوماتية Information Obesity. ومن أجمل الكتب في الموضوع كتاب الحمية المعلوماتية Information Diet والذي صدر عام 2011 وقدم لها العديد من الحلول. وأرجع أسباب حدوث السمنة المعلوماتية إلى انخفاض جودة المعلومات؛ وذلك أن أكثر المعلومات التي نستقبلها عبر الإنترنت والأجهزة الذكية حشو لا قيمة لها. تنتفخ بها عقولنا شكلاً وهي هزيلة حقيقة، إضافة إلى ضعف اللياقة العقلية؛ أي نقص المهارات والتدريب لدى مستهلك المعلومات؛ مما يجعلنا لا نحسن اختيار المفيد وتمييزه عن الضار كما أن اجترار المعلومات، وأقصد بذلك التهامنا للمعلومات في كل وقت، وحين لا نكون بحاجة لها أحد أهم الاسباب لإصابتنا بالسمنة المعلوماتية. واستطرد العريفي بقوله يتعرض الناس للسمنة المعلوماتية بدرجات متفاوتىة؛ تبعاً لقابليتهم العقلية لذلك، وتبعاً للأنماط المعرفية التي يستخدمونها في إداراة المعلومات الواردة إلى عقولهم عبر برامج وتطبيقات تقنية المعلومات والاتصالات واستهلاك هذه المعلومات. وأكد الدكتور العريفي الدخول في عصر السمنة المعلوماتية كما ذكرت الدراسة التي أجرتها TNS UK عام 2009 بسبب استقبالنا لمعلومات كثيرة لا يمكن لعقولنا معالجتها، وهي الآن ظاهرة حقيقية وليست وهماً أو خيالاً. وبيّن أن من آثار السمنة المعلوماتية ونتائجها على الإنسان والمجتمع والحياة نقص الإبداع والمرونة لدى الخريجين أو الموظفين والغش المعرفي في المدارس والجامعات وتسطيح الأفكار بسبب ما يطرح في الفضاء المعلوماتي من أطروحات أقرب للوجبات السريعة والتهويل المعلوماتي. واقترح العريفي لمحاربة السمنة المعلوماتية ومواجهة مخاطرها تقليل التنبيهات (الإشعارات) في الأجهزة الذكية وتقليل عدد المجموعات التي نلتحق بها، والاقتصار على المفيد منها، وأيضاً تقليل عدد التطبيقات وعدد الحاسبات والأجهزة وتجاهل الكثير من المعلومات غير النافعة والتدرب على مهارة (تقييم المعلومات) والاعتدال في الوقت الذي نخصصه للاطلاع على الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي وإدراك أن قدراتنا العقلية محدودة وأن عقولنا إذا أتخمتَ بصغائر الأمور وتوافه المعلومات بالإضافة إلى التدرب على العادات الناجحة، ومنها: أن يحدد المستخدم هدفه عند تصفح الجهاز ويركز عليه، ولا ينشغل قدر الإمكان ببنايات الطريق. واختتم الدكتور العريفي حديثه بالتأكيد على أهمية دور التعليم في تزويد الطلاب بثقافة المعلومات ومهارات التعامل مع غزارة تدفقها، مؤكداً أنه يجب أن تشارك مؤسسات المجتمع جميعها، المدرسة، والإعلام، والأسرة، والمسجد في بناء ثقافة معلوماتية Information literacy توجه المجتمع والطلاب لأفضل الطرق والعادات في التعامل الناجح والصحي في التعامل مع المعلومات المتدفقة، ويجب أن يصل المجتمع قبل ذلك إلى الوعي بالمشكلة؛ فالوعي بالمشكلة هو نصف الحل، إن لم يكن هو الحل كله. الطوفان المعلوماتي فاق قدرة استقبال العقول لمحاربة السمنة المعلوماتية ومواجهة مخاطرها عليك بتقليل التنبيهات الاستهلاك غير الموجه يشعرنا بالتخمة المعلوماتية