قبل أن أفتح باب سيارتي التي تقف أمام أحد المحلات في صف طويل.. داهمني صوت علبة غازية فارغة لا أعرف.. سقطت بجانبي وأحدثت صوت قرقعة على الأرض.. بينما صاحبها يحرك سيارته وينسحب من المكان بشكل عادي وكأن شيئاً لم يكن.. غادر وبقيت آثار عدم احترامه بالمكان واستهتاره شاهدة.. العلبة كان بها بقايا من المشروب الذي ملأ المكان ومن السهل أن ينزلق فيه أحد.. وأنا أركب السيارة تلفتت على سيارة الشخص الذي كان معه عائلة ووجدت أنه قد غادر تاركاً قذارته بالطريق العام دون أن يعبأ بأن هذا الشارع ملك للمواطنين وهو منهم.. ودون أن يتساءل: هل من الممكن أن يرمي العلبة في منزله ويوسخ البلاط أو الموكيت أو السجادة ويغادر؟ من الطبيعي أنه لن يفعل ذلك..! هذه الصورة متكررة.. عائلة ترفه عن نفسها في حديقة أو على البحر ورغم وجود سلات نفايات في كل خمسة أمتار أو أقل معلقة وما عليك إلا أن تضع فيها زبالتك إلا أن الناس -مواطنين ومقيمين- يرمون نفاياتهم في الشارع.. وفي المكان الذي يجلسون فيه، وعندما يغادرون بعد الاستمتاع يتركون نفاياتهم في المكان وكأنها شاهد عليهم.. وقد ينفضون سجادة الجلوس على الأرض مخلفين بقايا أطعمة وألعابا ويغادرون دون أن يعبأوا بمن سوف يستخدم المكان بعدهم.. في الشوارع تتناثر القمامة.. وفي الأزقة تتكاثر تجدها خارج الصندوق المستخدم لها.. يرمي الناس زبالتهم خارجه وكأنهم يستعجلون المغادرة.. رغم أن هذه الصناديق بجانب منازلهم.. يبدو أننا الشعب الوحيد الذي يكثر فيه عمال النظافة.. فالطالب من المدرسة يبدأ تعلم حشو طاولته بالأوراق والزبالة وتركها لمن ينظف.. ويرمي على الأرض الأكل والأوراق.. ويكملها في الساحة المدرسية التي تتحول إلى مهرجان من القاذورات بعد نهاية الفسحة.. وتحتاج إلى تنظيف..! في الحمامات العامة تكسير ووساخة وإهمال وقذارة وبالذات لمن ساء حظه وسافر براً.. فالطريق من جدة إلى جازان يمتد أكثر من 700 كلم وليس هناك حمامات عامة سوى دورات مياه المساجد التي تحفل بقذارة غير مسبوقة.. وتبدو وكأنها لم تنظف من سنين.. تتكدس فيها القمامة بالأطنان بدءاً من مدخلها.. إضافة إلى عدم اهتمام بصحة الإنسان أو البيئة التي أعتقد أنها غير معروفة لديهم.. أين وزارة الأوقاف؟ وأين من بنى هذه المساجد من المواطنين الذين كان ينبغي أن يتركوا عامل نظافة من أجل العناية بهذه الدورات غير الآدمية.. والتي عندما تخرج منها تجد أطنانا من الزبالة في المنطقة المحيطة بها دون وجود من ينظف المكان رغم أنها تبدو زبالة قديمة ومنذ أزمنة متكدسة في المكان؟ في الوقت الذي تتحدث عندنا الزبالة احتفل العالم في 22 إبريل الماضي بيوم الأرض الذي يهدف إلى نشر الوعي والاهتمام بالبيئة الطبيعية لكوكب الأرض، وذكر التقرير أن التلوث يشكل في عصرنا تهديداً كبيراً وخطيراً على صحة الإنسان، وأصدرت منظمة الصحة العالمية تقريرا عن أنظف عشر عواصم في العالم وتربعت على النظافة استوكهولم في السويد لأنها تواصل الاهتمام بالمساحات الخضراء وضمت القائمة عشر مدن أغلبها أوروبية وأميركية لاتينية ولم تدخل القائمة أي عاصمة عربية! المهم في حلول عاصمة السويد الأولى أنها قدمت ثورة في مجال إعادة تدوير المخلفات وأصبحت خالية من القمامة وتبحث عنها وتستوردها من دول أخرى لتبقي على هذه الصناعة المربحة بعد أن باتت تدور 99٪ من قمامتها بحسب إحصائيات سويدية.