يعتبر الوقف الذي هو "تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة" من العبادات الجليلة في الإسلام، ومن الصدقات الجارية التي يستمر أجرها لصاحبها بعد وفاته. ولذلك حرص المسلمون منذ عصر النبي وإلى عصرنا هذا على إجراء الأوقاف المتنوعة؛ حتى قال جابر بن عبدالله رضي الله عنهما: لم يكن أحد من أصحاب النبي ذو مقدرة إلا وقف. وهو -أي الوقف- مما اختص به المسلمون، قال الشافعي: ولم يحبس أهل الجاهلية فيما علمته داراً ولا أرضاً وإنما حبس أهل الإسلام. وبلغة الاقتصاديين فإن الوقف يعتبر أحد مجالات الاستثمار، باعتباره ينمى لصالح جهات معينة هي بحاجة إلى التمويل. ومجالاته كثيرة، منها يتعلق بالمساجد والمدارس والجامعات والمستشفيات والبنية الأساسية التي سمى الفقهاء منها: الطرق والجسور والآبار والمقابر. بل وحتى الوقف في صورة مصانع ومؤسسات إنتاجية مما له أثر في تطور اقتصاد الدولة، ودفع عجلة التنمية، والنهوض بالمؤسسات التعليمية والصحية، مما له أثر أيضاً في تلبية الاحتياجات العامة للمجتمع وتخفيف العبء على الموازنة العامة للدولة؛ وذلك إذا ما فعّل دوره في كافة المجالات الحيوية المختلفة. وبذلك يمكن للوقف أن يكون علاجاً لبعض المشكلات الاقتصادية التي تعاني منها كثير من الدول الإسلامية، ومن بينها عجز الموازنة العامة. كما يمكن للوقف المساهمة في تمويل التنمية؛ ولا سيما التنمية البشرية من خلال الإنفاق على الصحة والتعليم. ولتحقيق ذلك نؤكد على ثلاث نقاط: أ-نشر ثقافة الوقف، والدعاية الإعلامية المناسبة للمشروعات الوقفية. ب-إدارة الأوقاف بشكل مؤسسي في إطار بيئة قانونية وإدارية، مع مراعاة ملاءمة الجهاز الإداري لحجم الأوقاف. ج-تشغيل الأوقاف المتعطلة. * الأمين العام لهيئة كبار العلماء عضو المجمع الفقهي الإسلامي