قال رئيس هيئة الرياضة الأمير عبدالله بن مساعد في أكثر من تصريح بأن خطوة خصخصة الأندية المديونة ستؤجل لعدة سنوات، وأعتقد أنه يهدف إلى تحويل الأندية من منظومات متعثرة إلى منظومات مجدية اقتصاديا لكي يتم بيعها بقيمة مالية عالية تذهب لمصلحة الصندوق الرياضي الذي تم إنشاؤه مؤخرا، وهذا من ناحية المبدأ أمر إيجابي بأن يبحث مسؤول الدولة عن مصلحة عامة تسجل لإدارته، أنا أتحدث هنا من الناحية النظرية، لكن هل هذا التوجه قابل للتطبيق العملي؟ أقول للأمير عبدالله وهو صاحب التجربة في مجال الأعمال: أي منظومة تفوق مصاريفها إجمالي الدخل لا يمكن أن تقلص الدين، بل تلقائيا تزيده، وبالتحديد عندما ندقق في قوائم الدخل لأندية الاتحاد، الشباب، النصر نجد أن المصروفات تفوق ضعف الدخل، وهذا مؤشر سيئ للغاية، لا يعني إلا أن حجم الدين سيرتفع، فما هي الخطة لتسديد الدين إذا كانت 80٪ من ميزانية النادي تصرف على رواتب اللاعبين، وأغلبهم مرتبط مع النادي بعقد لسنوات وبمبلغ كبير؟ أعتقد أن البداية ينبغي أن تكون من لائحة الاحتراف، بمنع الأندية المتعثرة من التعاقدات، وفي الوقت نفسه يخفض القائمون على اللائحة الحد الأعلى للرواتب، أي يفعلون عكس ما يفكرون فيه حاليا، بتقليص الحد الأعلى إلى مليون ومئتي الف ريال، بدلا من مليونين واربعمائة الف، على أن يترك مقدم العقد كالتزام شخصي بين اللاعب ورئيس النادي أو عضو الشرف، بحيث لا تقره اللجنة ولا تحظره بوصفه مخالفة، بشرط أن لا يقبل به في العقد أو المطالبات، والحق أقول أنه لو فتحت لجنة الاحتراف سقف الرواتب من جديد فإن الكرة السعودية تعتبر مقبلة على كارثة أكبر. في ظل السماح للأندية بالتعاقدات بما يفوق امكانياتها المادية، وعدم محاسبة القائمين عليها، لا يمكن أن تتقلص الديون، وفي حالة استمرار سقف الرواتب العالي سيزداد الوضع المالي سوءا، فالديون لم تظهر إلا بعد فتح سقف الرواتب، حينما كان آنذاك 30 الف ريال، وهذا حدث في عام 2010، ومنذ ذلك الوقت والأندية تعاني، بينما لم نكن نسمع عن ديون بعشرات الملايين قبل ذلك التعديل، حيث كان السقف نقطة التحول لأندية من المفترض أن تكون مليونيرة، لتصبح أندية مديونيرية لا أحد يريد الاعتراف بإفلاسها. إذا أردنا تنفيذ الخصخصة بشكل عاجل، لا مناص من إنقاذ الأندية الكبيرة، وذلك لن يكون إلا ببيعها لمستثمرين يتكفلون بسداد ديونها، أما تركها لمن أثقلوا كواهلها ليحلوا المشكلة، فالمؤكد أن فاقد الشيء لا يعطيه، بل سيضاعفون الديون كلما تهيأت لهم الفرصة خصوصا أنهم يعلمون أنها ستدهب قريبا لمستثمرين، ولن يصبح لهم مستقبلا أي دور كأعضاء شرف أو مسؤولين، ويعلمون أن العوائد ستذهب للصندوق إذا كان هناك عوائد، ليطبقوا المثل الشعبي: مال عمك ما يهمك!