قرأت قبل نحو الشهر مقالاً في صحيفة الحياة للكاتب اللبناني حسان حيدرعن منع شباب لبنانيين من الاحتفاليات والفرح من تلك التي ليس فيها مساساً بالأخلاق ولا ضرراً على المجتمع، وتم ذلك من قبل هيئة التعبئة التابعة لحزب الله اللبناني.. وبحسب الزميل العزيز على أن الأمر ليس مفاجئاً حيث إنه وحسب الفكر الذي يبثه خامنئي في إيران والعراق وكذلك في لبنان أن الفرح والسرور لا يتناسبان مع فكرة "المقاومة والجهاد" التي لا بد من حزن دائم كي تستقيم مفاهيمها، لذلك فإن الاحتفالات يجب أن تكون مرتبطة بالمآسي فغير ذكرى موت بعض الصحابة والصحابيات "رضوان الله عليهم" التي تمتد لأسابيع وليس لأيام فهناك يوم الشهيد ويوم المقاومة وعاشوراء وكربلاء من تلك التي تستهلك معظم أيام العام. ونقول بعد تلك التوطئة.. أن ثقافة البكاء واللطم، صناعة صفوية عملت إيران على تعميمها في كل مكان تصل إليه.. لذا فإن ترسيخ مفهوم أن "كل أرض كربلاء، وكل يوم عاشوراء" لا يتفق أبداً مع التسلية البريئة ولا تمكين السعادة الداخلية، فكيف إذا بلغ الاستماع إلى فيروز في بلد كلبنان.. لذا كان أهم مبادئها في لبنان جعل التعبئة والعبوس شعارين للمقاومة المزعومة هناك.. بل وتكريس وغرس مبدأ البكائيات والنواح والعويل حتى أصبحت هذه الصفات حاضرة في الخطب التي يليقها رجال الساسة والدين، وكذلك قارئو نشرات الأخبار في القنوات التي تتبع لذلك الفكر؟! إزاء ذلك.. هل هناك هدف تسعى الدولة الفارسية إلى تثبيته من خلال ترسيخ ثقافة الحزن واللطم والبكائيات.. هنا لن ندعي معرفة، لكننا سنستقي من الخبراء في الشأن الصفوي وفق التأكيد على أن استمرار الغبن والمظلومية في قلب الانسان تُسهّل من انقياده وتبعيته وهذا وفقاً للعالم الاجتماعي العراقي الكبير علي الوردي الذي توسع بتحليل شخصية الفرد العراقي والطقوس الدينية المستخدمة لإذلال هذا الفرد. ليس كذلك فقط بل إنه وبحسب الوردي وهو أحد أكبر علماء الاجتماع في العالم عبر التاريخ.. التأكيد على أن لا أحد قام باللطم وتعذيب الجسد في الديانات منذ بدء التاريخ وحتى الآن إلا فئة مسيحية قليلة كانت تعيش في أوروبا الشرقية تتذكر أحزانها باللطم وإيلام الجسد بإحياء ذكرى شهداء المسيحية والوسائل المتبعة في ذلك ونقل منها وزير صفوي هذه العادة في القرن السادس عشر.. مما يؤكد على أنها دخيلة وليس لها أي أساس. ختام القول إن مواكب اللطم وتعذيب الجسد لا تنفك تحضر في كل مناسبة، ولنتخيل أن القادة الدينيين لا يفعلونها بل يتركونها للرعاع التابعين ويحثونهم عليها وكأنها طقوس أساسية لا يقوم الدين إلا بها، ليحضر السؤال إذا كانت من تعابير الولاء والتقرب فلماذا لا يفعلها القادة ورجال الدين؟ وهو ما يجعل العاقل الحصيف يدرك أن الأمر قد تمت صياغته سياسياً لكي يعيش الفرد أسيراً لأحزان الماضي فقط ولا يعنيه الحاضر بتاتاً ومن هنا يسهل انقياده لأجل نشر الفكر الصفوي الفوضوي.. وكذلك مشاركته أمواله من خلال الخمس الذي يحضره طائعاً لأن الأهم أن لا ينفك عن حزنه.