أ.د. فهد بن ناصر العبود* جاء إطلاق رؤية المملكة العربية السعودية 2030م، بقيادة عرابها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع، في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى خارطة طريق تحقق لنا ما ننشده من تقدم وازدهار، وترسم طريقاً واضحاً أمام مؤسسات وأجهزة الدولة المختلفة لإعادة هيكلتها وتنظيمها. كما أن إطلاق الرؤية جاء لمواجهة مرحلة عصيبة من التحديات والتحولات الاقتصادية التي يشهدها العالم، ولحماية المملكة من الآثار السلبية لتلك التحولات، لكي تكون الرؤية عوناً لنا بعد الله في تنويع مصادر الدخل وتحقيق تنمية مستدامة من خلال اقتصاد المعرفة ورأس المال البشري، والتأسيس لعهد جديد تقوده الخطط والإستراتيجيات والأهداف المدعومة ببرامج ومشروعات ومبادرات كبيرة لتحقيق قفزة نوعية على كافة المستويات والأصعدة العلمية والعملية على حد سواء، ولضمان نجاح الرؤية تم إطلاق برنامج التحول الوطني 2020م، ومؤشرات الأداء لقياس مدى تحقيق الأهداف.(KPIs) يأتي من ضمن القطاعات المستهدفة في الرؤية، قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات كأحد أهم القطاعات، نظراً لما يعول عليه في تحقيق قفزة نوعية وشمولية لكافة القطاعات الأخرى، وذلك لسببين رئيسيين هما: أولاً: قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات هو القطاع الذي يتطور باستمرار ولا يقف تطوره عند حد، ولا أبالغ عندما أقول: إنه يتطور بشكل يومي خصوصاً في مجال تقنية المعلومات. ثانياً: يعد قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات محفزاً وممكناً للقطاعات الأخرى لكي تتقدم وتتطور وتحقق أهدافها المنشودة، لأن التقنية ساهمت بشكل مباشر في تطوير التعليم والصحة والاقتصاد وغيرها من المجالات الحياتية الأخرى، ولم يعد هناك قطاع معين أو محدد يستطيع العمل بمنأى أو معزل عن التقنية، وأصبحت التقنية محفزا وممكنة في الوقت ذاته لجميع القطاعات كافة دون استثناء لتحقيق التقدم والتطور الذي تسعى إليه. وهنا تتضح الأهمية الإستراتيجية لقطاع الاتصالات وتقنية المعلومات والأبعاد التقنية والاقتصادية والعلمية والعملية التي يمكن تحقيقها من خلاله. ولذا فإنه من الأهمية بمكان تنفيذ الرؤى والمبادرات والمشروعات التي جاءت في رؤية المملكة 2030م، فيما يخص هذا القطاع. وكما هو معلوم إن وجود بنية تحتية قوية للاتصالات وتقنية المعلومات، يعد بمثابة الأساس الممكن لنشر جميع تطبيقات المعلوماتية المختلفة، وفي هذا الشأن يجب حث شركات الاتصالات العاملة في السوق السعودي على أهمية الاستثمار في هذا الجانب. كما يجب الأخذ بعين الاعتبار أهمية مراعاة نشر خدمات النطاق العريض السلكي حيث لا يزال الانتشار دون المستوى المطلوب ويحتاج الكثير من الجهد والمال. كذلك يجب مراعاة التوجهات الجديدة لقطاع تقنية المعلومات كالحكومة الإلكترونية التي تعد أحد أهم البرامج الريادية والقيادية التي يعول عليها كثيراً في عملية التحول الإلكتروني بين الأجهزة الحكومية، وجعل الأسلوب الرقمي أساساً للتواصل والتعامل بين أفراد المجتمع ومؤسساته المختلفة، خصوصاً إذا علمنا أن العالم المتقدم تجاوز الحكومة الإلكترونية إلى الحكومة الذكية، وضرورة تطبيق مفهوم الحكومة المتكاملة والنفاذ الموحد، وتعزيز مكانة المملكة العربية السعودية في مؤشر الأممالمتحدة لتطور الحكومة الإلكترونية. كما يجب مراعاة التوجهات المستقبلية للقطاع ومستخدميه والمستفيدين منه، والتركيز على الخدمات المعلوماتية والاهتمام بالمحتوى الإلكتروني ونشر المعرفة وإنشاء قواعد المعلومات لصناعة اقتصاد المعرفة والتجارة الإلكترونية، وزيادة مساهمة صناعة تقنية المعلومات في الناتج المحلي للمملكة، لكي تتحقق نهضة نوعية شاملة ومواكبة لأهداف رؤية المملكة 2030م، وتحقيق توجهات وتطلعات القيادة الرشيدة، وخدمة الوطن والمواطن. * أستاذ نظام الحكومة الإلكترونية والمعلوماتية بجامعة الملك سعود