يبقى التحكيم قضية شائكة وأزلية سواء داخل الملعب أو خارجه والسبب أن الركائز التي تعتمد عليها اللجنة الرئيسية لتطوير اللجان الفرعية مفقودة في أغلب مناطق المملكة، لذلك ترك موضوعنا جدلاً واسعاً بين مؤيد ومعارض على قبول تعين الحكم العامل في رئاسة اللجان الفرعية لكرة القدم في المملكة أو المتفرغ، ورهن العديد من الخبراء التقييم للجان بالمخرجات والمحصلة النهائية والتي تعتبر المكان الأهم للتفريخ واكتشاف المواهب، فالمعارض لتعيين الحكام غير المتفرغين والعاملين يرى أن هناك قصوراً لعدم تواجد المسؤول بصفة دائمة في التدريبات اليومية لظروفه العملية وتكليفه بإدارة المباريات في "دوري جميل" والمشاركات الدولية الخارجية، وبالتالي تكون المتابعة والاهتمام ليسا بالصورة المطلوبة، عدم القدرة على التطوير في الحكام الصاعدين وعلاج الأخطاء من خلال تحليل الموقف الذي يحتاج لجهد من اللجنة لتصحيح الأوضاع وإخراج جيل قادر على المشاركة في المناسبات الكبرى بدلاً من الاستعانة بالطواقم الأجنبية، وتعرض الحكام للهجوم المستمر والانتقاد العنيف للأخطاء من المسؤولين في الأندية واللاعبين والجماهير. أما المؤيدون للحكام العاملين برئاسة اللجان الفرعية تعود زاويتهم ونظرتهم إلى أن الحكم الدولي أو العامل يكون قريباً للحكام من ناحية العمر والفكر والتفاهم وإيصال المعلومة بالشكل الذي يتناسب مع الموقف ومسبباته والتواجد داخل الملعب في التدريبات ونقل تجربته التي اكتسبها لحكامه. بعض المختصين طالب الاتحاد السعودي وضع أزمة اللجان الفرعية على طاولة لجنة التحكيم الرئيسية في ظل إخفاق الأولى وعدم تحسين مستوى المخرجات وإيجاد الحكم السعودي الذي يؤدي دوره بالشكل المطلوب في المنافسات المحلية والخارجية وهو الذي حقق مسبقاً بوجود الحكم فلاج الشنار، وعبدالرحمن الزيد، وعلي الطريفي، وخليل جلال وفهد المرداسي، في نهائيات كأس العالم. عن هذه السلبيات يقول الحكم الدولي المساعد السابق عبدالله العباد: "الأفضل تعيين واختيار رؤساء اللجان الفرعية من المتفرغين للتطوير وإيجاد نوعية من الحكام على مستوى عال من خلال وضع البرامج والتوجيه والتنظيم الفني والإداري والعمل على أسس احترافية في المناطق وهي الأساس". فيما يرى الخبير التحكيمي عبدالعزيز الكثيري أن تعيين الحكم العامل في اللجان الفرعية أفضل من حيث القرب والتفاهم لعامل العمر والتفكير والتواجد والحيوية وقال: "جلب حكم معتزل ومبتعد عن العمل لأعوام طويلة وهذا مهم في منظومة العمل ويبقى الناتج النهائي وما يقدم هو التقييم الذي يحتكم له من مرتكزات وهو الأساس لتقديم أسماء واعدة للساحة وبالتالي البروز محلياً وخارجياً". وقال الحكم الدولي عبدالرحمن الزيد السابق: "اختيار رؤساء اللجان الفرعية يجب أن يكون وفقاً للشروط المتعارف عليها، وأن يكون رئيس اللجنة قادراً بدنياً على تأدية مهامه، والتحرك في الملعب حتى يعالج أخطاء الحكام بخبرته التي اكتسبها ويفضل أن يكون معتزلاً من فترة قصيرة وليس مبتعداً عن التحكيم منذ فترة طويلة، في حين لو كان غير متفرغ لن يستطيع تأدية مهامه بالشكل الأمثل لالتزامه بمشاركاته الداخلية والخارجية، وبالتالي سيترك اللجنة لمن ينوب عنه، والبعض يرى أن رئيس اللجنة يستأثر في التكاليف في دوري المنطقة، ولكن الحقيقة لا يمنع من أن يكلف الرئيس كحكم رابع أو يدير بعض اللقاءات فليس من المعقول أن يبقى الرئيس كمتطوع ولا يدير مباريات لذلك على الاتحاد السعودي تفريغ الرئيس تماماً لمهمته الأساسية في حال الرغبة بعدم إدارته للمباريات بشرط تسليمه مكافأة ما بين 3000 ريال إلى 5000 ريال، لذلك مشاكل اللجان الفرعية قائمة ولم تحل منذ أكثر من 35 عاماً منذ أن دخلت مجال التحكيم كحكم مستجد وإلى الآن هناك السلبيات قائمة، وعلى الاتحاد الجديد برئاسة الدكتور عادل عزت وضع الحلول والبحث عن رعاة لتسليم الحكام المستجدين مكافأتهم بشكل منتظم". وأضاف: "سنوياً تتسرب أعداد هائلة من مجال التحكيم نتيجة عدم صرف المستحقات لذلك تشكر اللجان الفرعية على قدرتها إكمال دوري المناطق بعدد الحكام المتاح لديها وبالتالي لن تستطيع أن تطلب منها فوق طاقتها وأنت لم توفر لها عناصر النجاح". وأكد الحكم السابق الدكتور عبدالعزيز السلمان والمراقب الحالي للحكام أن تعيين رئيس اللجنة العامل يعد مشكلة وقال: "حتى في ظل قدرته على توزيع المباريات تجده يستأثر ذلك لنفسه أو لمن حوله من الرئيس أو السكرتير، ومن تجربة سابقة كان رئيس لجنة في المنطقة الشرقية وكان وقتها هناك حكام مميزون، لكنهم لم يحصلوا على الفرصة نتيجة اعتماد اللجنة الرئيسية على اللجنة الفرعية بإيصال الصورة بوضوح عن الحكام البارزين والقادرين على التحكيم في المنافسات المتقدمة مثل الدوري الممتاز وكأس الملك، لكن رئيس اللجنة الفرعية يحجب الصورة ولا يرسم صورة جيدة عن الحكم وبالتالي فقدنا العديد من الحكام البارزين، خوفاً من أن يأخذ الحكم الصاعد مكان رئيس اللجنة الفرعية أو ينافسه بالتحكيم في الدوري الممتاز، كل تلك المعاناة للحكام في اللجان الفرعية في المملكة تعود لعدم الرقابة الكافية من قبل اللجنة الرئيسية وعدم توزيع المهام بالشكل الصحيح، ومن المفترض أن تقوم اللجنة الرئيسية باختيار الحكام المتقاعدين للجان الفرعية لنقل خبراتهم لتزويدهم بكل ما هو جديد إضافة إلى أن تجربة سابقة في عهد رئيس لجنة الحكام الدولي عمر الشقير بإبقاء الحكم على منصب واحد؛ ففي حالة عمله كرئيس لجنة فرعية لا يمكنه العمل عضوا في اللجنة الرئيسية والفرعية معاً وهذا هو الصحيح، ومن المفترض تطبيقه بأن يبقى الحكم عاملاً أو رئيساً للجنة الفرعية حتى لا يكون هناك ازدواجية وبالتالي يتم تقديم عمل رائع وانجاز يتوافق مع الاهتمام التي تنشده اللجنة بتقديم جيل رائع من الحكام للكرة السعودية مستقبلاً". واعترض حكم الدرجة الأولى قاسم الهزوم على أن يكون أعضاء اللجان الفرعية حكاماً عاملين لأسباب عدة منها: عدم المقدرة على تطوير الحكام نظرياً أوعملياً لانشغال الأعضاء بمشاركاتهم المحلية والخارجية، وقال: "في حالات عدة عندما يطالب بحقوقه تشخصن اللجنة الأمور ومن ثم يحرم الحكم من أقل حقوقه".