المكاسب السياسية التي يتطلع لها الجيش الحر بعد تقدم مقاتليه نحو دمشق، تمر باتجاهين: اتجاه ينزع للتحليل، واتجاه سياسي، الأول يرى ان العمليات العسكرية الناجحة للجيش الحر جاءت نتيجة لحضور واشنطن عملياً في الصراع السوري، بعد تردد كاد أن ينهي كل فرص المعارضة العسكرية على الأرض، وينشط التحليل في تفاصيل شرحه للواقع الميداني أن هناك دولاً تسعى إلى تعويم جبهة النصرة وجعلها قوة مسلحة ضمن صفوف الجيش الحر، وليس باعتبارها جزءاً من القاعدة، الاتجاه السياسي يتمثل في اجتماعات الأستانة التي تروم الوصول لقرار يضمن وقف إطلاق النار والشروع مباشرة في العمل السياسي، ويأخذ هذا الاتجاه من وجهة النظر المؤيدة لروسيا بالرأي الذي يحمل المعارضة أسباب فشل تحقيق الاتفاق. عقدة الحل تكمن بأن الروس في اجتماعات الأستانة واجتماعات جنيف، يعبرون أنفسهم جهة محايدة تسمع من جميع الأطراف بحيادية تامة، انها ليست جهة مؤيدة لجهة على الأخرى، وأن حربها في سوريا على الإرهاب وليس على الشعب السوري، هذا الرأي تم كشف زيفه من خلال رصد العمليات العسكرية التي تشنها المقاتلات الروسية على الشعب السوري، وكذلك قيامها بخرق لقرار الهدنة عدة مرات.. المعارضة السورية حققت مكاسب سياسية واضحة في جنيف 4 يجب عدم تغافلها أو التقليل من شأنها، حتى وإن كانت لم تصل لاتفاق يساعد على إنهاء الأزمة السورية، من هذه المكاسب الإحراج الواضح الذي ظهرت به موسكو أمام المجتمع الدولي، حيث أشار أكثر من مصدر أن موسكو تتعمد تعطيل الحل السياسي من أجل أهداف خاصة بها ولا تمثّل الحد الأدنى من مصالح الشعب السوري، هذا الأمر أرغم موسكو على الأخذ بالمسار السياسي الذي لا يمكن ان يعطيها كل شيء، أو أن يسمح لحليفها النظام السوري بالبقاء في السلطة، فالحقائق تقول : إما استمرار الحرب، أو الرضوخ للحل السياسي القائم على فترة انتقالية بدون بشار الأسد. العمل السياسي للمعارضة يتطلب جهداً كبيراً للحفاظ على المكاسب العسكرية في المفاوضات مع موسكو والنظام، أول هذا العمل التأكيد على أن المقاومة ليست عملاً أرهابياً يخص جبهة النصرة، فالثورة عمل يتعقد في تركيبته فهو يجمع سلاحاً مع سلاح بدون فرز يشرع للمقاومة عملها، ولكن الأهداف تفرز والنتيجة أيضاً تفرز، قد تستعين بالشيطان للتخلص من ظلم شيطان آخر، ولكن الأهداف والنتائج النهائية هو من يمثّل الشرعية والحكم عليها.