إذا توقفت عضلاتنا عن الحركة، وانتظمت أنفاسنا، وهدأت دقات قلبنا، وبدأ التشوش الذهني عندنا يخف تدريجياً، لاستعاد الذهن قدرته على السيطرة وإيقاف الأفكار الواردة الاقتحامية، حتى يصفو الفكر وترتاح النفس ويستقر الجسد، عشر دقائق أو تزيد قليلاً، كفيلة جداً بأن تنهض بالإنسان وأن تجدد نشاطه وتعيد إليه التوازن الفكري لمدة أيام، وقد يكون المسلم الصادق هو أكثر الناس فائدة من صلاته على المستوى النفسي والذهني والجسدي أيضاً، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في حق الرجل الذي كان كثير الحركة في صلاته (لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه)، مما يدلنا أن سكون النفس والذهن ينسحب أثره تدريجياً إلى الجسد حتى ترتخي عضلاته فيذهب عنها الشد والتوتر، بسبب الضغوط النفسية والذهنية والتي يحولها العقل إلى أنزيمات قابضة للعضلات دون أن يعلم الإنسان، ولذلك كان خيار السكينة خياراً لا محيد عنه خصوصاً في هذا الزمن الذي ألهبنا بسياط السرعة المجنونة والجري خلف كل مصلحة خوف فواتها. ولذلك كانت السكينة هي وصف الأنبياء والصالحين، وفي الأثر عن عبدالله بن مسعود (إن السكينة مغنم وتركها مغرم).. فما أحوج البشرية إلى السكينة والهدوء لتذوق طعم الراحة والطمأنينة، فتصفو الحياة وتتلطف المعيشة، وعلى دروب الخير نلتقي.