كما تضع المواقع الشهيرة قوائمها المختلفة التي تصنف الأمور بالأفضل والأجمل والأحسن، قررت أنا أيضا أن أضع قائمتي الخاصة بأفضل الأغاني التي قيلت في الأم. أفضل أغنية على مر الزمن هي ست الحبايب. ليس تعصبا للقديم، ولا تعصبا لعبدالوهاب. ولا لقصة كاتبها حسين السيد حيث أهداها لوالدته بعد أن كتبها على سلالم المنزل وهو يزورها خالي اليدين سوى من كلمات أغنية غدت بعدها أشهر الأغنيات وأعذبها. لا أملك سببا واضحا لماذا أفضل هذه الأغنية كما يفضلها ملايين العرب مثلي. ولا أعرف كيف تحمل أغنية كل هذا الشجن، والحب، والاعتراف بالفضل والتقدير والتقصير، كل الاعترافات معا في الأغنية جعلتها من أعظم -إن لم تكن الأعظم- الأغاني التي قيلت في الأم. أحن إلى خبز أمي وقهوة أمي وتكبر فيّ الطفولة يوما على صدر يوم وأعشق عمري لأني إذا مت أخجل من دمع أمي. ربما هذه هي الأعذب. كيف يمكن ألا تكون وقد اجتمعت فيها كلمات محمود درويش وريشة مارسيل خليفة. يذوب القلب وهو يسمع الأغنية وتسيطر عليك الرغبة في أن تجثو على ركبتيك أمام أمك كي تلمس الخيط الذي يلوح في ذيل ثوبها. الثالثة بالنسبة لي هي أغنية سعاد حسني صباح الخير يا مولاتي. كتبها الشاعر الفنان الذي يوصل أصعب وأرق المشاعر بأكثر العبارات سلاسة ولطفا في الوجود صلاح جاهين ولحنها الملحن العبقري كمال الطويل. من لم يسمع هذه الأغنية التي غنتها سعاد في مسلسل هي وهو أطلب منه أن يشاهدها على اليوتيوب. كي تكتمل المتعة. ويعود طفلا يحيي أمه ويفرح معها ويقول لأول حب في حياته صباح الخير يا مولاتي. الرابعة هي أغنية يا مو التي غناها دريد لحام وهو يؤدي دور الصعلوك غوار الطوشة في أحد المسلسلات القديمة. لم أستطع التوصل إلى كاتب الكلمات أو الملحن. وعلى بساطة كلماتها لكنك لا تملك سوى الشعور بالحزن والحاجة إلى الارتماء في حضن أمك والاعتراف بجميلها وهي تطعمك وتدفئك وترقع جواربك حتى لو لم يكن لديك جوارب مرقعة. هذه قائمتي، وأعرف أن هناك أغنيات عظيمة أخرى. لكن الأغنيات التي ذكرتها هي التي تمسني جدا، هي التي تجعلني أشعر بالخجل والتقصير، وتجعلني في ذات الوقت أشعر بالفخر لأن لي أمّاً كأمي. تجعلني أسعى لأن أكون جديرة بها. الأغنيات تساعدنا لأن نكون أشخاصا أفضل. الكلمات العظيمة والألحان الرائعة التي منحها لنا الفن لا تعيد تربيتنا لكنها تربت على أكتافنا كي ننتبه لأشياء جميلة في الحياة تحملنا المشاغل بعيدا عنها، الأغنيات تزيح بلطف الغشاء عن أعيننا، كي نرى جيدا المعنى الحقيقي للحياة.