اتخذت السيدة المسنة " أ.م" الرصيف مصدر رزق لها، مستغلة بذلك حب الناس والمجتمع لعمل الخير والبذل والعطاء. لم ترأف تلك السيدة بابنها ذي الخمسة أعوام، من تقلبات الجو المتذبذبة ما بين برد وغبار وأتربة مزعجة، وأمطار شديدة، لم ترحم حاله ولا حالها بغية التسول باستغلال طفولة ابنها وانكسار صوتها، ودمعاتها التي لا نعلم هل هي دمعة حاجة أم أتربة لوثت عينيها. "الرياض" حاولت الوقوف على ظاهرة تخبو وتعود مرة أخرى في شوارع العاصمة الرياض على مرأى من الجهات المعنية، لنساء وافدات ومقيمات امتهنّ التسول، وتسابقن على حجز أماكنهن عند إشارات المرور، مستغلات براءة أطفال ليس من المؤكد أنهن لهم أمهات. فبحسب السيدة "أ.م" التي كانت تجلس على جانب الطريق لا يقيها هي وابنها عن الأرض سوى قطعة قماش بالية لتتسول المال من العابرين، بأن الفقر والعوز هو من دفعها للتسول مع ابنها البالغ خمس سنوات، وخاصة أن زوجها لم يحصل على وظيفة مستقرة فعمل "كدادا" لا يكسب إلا القليل فقط، وأن مجموع ما تجمعه هي وزوجها يكاد لا يكفيهم ليوم واحد. وعند سؤالها عن عدم توجهها للقنوات الرسمية والجمعيات الخيرية ادعت بأنها لم تتلق أي اهتمام، كما أن الضمان الاجتماعي لم يوافق على الصرف لابنها الكبير لأنه ليس في العمر المؤهل والعمر المستحق للضمان الاجتماعي كما قالت 35 سنة. الأمر الذي يدلل على عدم صحة حاجتها وعدم معرفتها بقوانين وأنظمة المملكة المرعية في استحقاق الضمان الاجتماعي، وينافي ادعائها بأنها سعودية. هذا وتتعدى خطورة التسول استغلال المجتمع وهدر أمواله، إلى أنه قد يكون وسيلة لتغذية التنظيمات الإرهابية والمشبوهة، والتي قد تصبح تهديدا أمنيا حقيقيا للمجتمع. وبحسب دراسات سابقة فإن ما يحصده المتسول في اليوم الواحد قد يتجاوز خمسة آلاف ريال، أي بمعدل 150 ألف ريال شهريا، دون أن يكون هناك آلية واضحة لصرف تلك الأموال المشبوهة والتي مصدرها الصدقة. وفي وقت سابق أهاب المفتي العام الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ بالمواطنين والمواطنات بأهمية عدم التصدق على المتسولين عند الإشارات والمنازل وفي الشوارع لما في ذلك من عرقلة لجهود الجهات المختصة في مكافحة التسول. مؤكدا سماحته أنه لا صدقة في طالبي المال من المتسولين عند الإشارات والمنازل وبالشوارع. دور وزارة العمل والتنمية الاجتماعية وحول تلك الظاهرة التي حاولت "الرياض" رصدها والحديث مع متسولات أطلقن لأرجلهن العنان ما إن رأين "عدسة الرياض" قال خالد أبا الخيل المتحدث باسم وزارة العمل والتنمية الاجتماعية: إن إدارة مكافحة التسول بالوزارة تهدف إلى تحقيق أسس التوجيه والإصلاح السليمة للمتسولين السعوديين حيث يتوجه ذوو العاهات والعجزة إلى دور الرعاية الاجتماعية للاستفادة من خدماتها، ويحال المرضى إلى المستشفيات المتخصصة حيث تقدم لهم الرعاية الصحية المناسبة دون مقابل. ثم تابع أبا الخيل في حديثه ل"الرياض": أما المحتاجون مادياً فتصرف لهم المساعدات المالية من الضمان الاجتماعي أو الجمعيات الخيرية بعد دراسة حالتهم، كما يحال الصغار والأيتام الذين تنطبق عليهم لوائح دور التربية إلى هذه الدور حيث توفر لهم الإقامة المناسبة والتنشئة الاجتماعية السليمة. تقديم الرعاية اللازمة لمتسولين وأبان أبا الخيل أن المتسولين السعوديين سليمو البنية يتم القبض عليهم واستضافتهم من قبل اللجان الميدانية، وبحث حالة المتسول السعودي المقبوض عليه اجتماعيا واقتصاديا ونفسيا وصحيا، إضافة إلى تقديم الخدمات الاجتماعية الصحية والنفسية والاقتصادية حسب احتياج كل حالة، والقيام بالرعاية اللاحقة لهم. تطبيق النظام على المتسولين الأجانب أما المتسولون الأجانب فقال عنهم خالد أبا الخيل: إنهم يشكلون نسبة عالية من المتسولين، وإن مهمة متابعتهم وإنهاء إجراءات ترحيلهم تعنى بها الجهات الأمنية المختصة. المواطن شريك وأكد المتحدث الرسمي باسم وزارة العمل والتنمية الاجتماعية على أن التصدي للتسول ومكافحته يتطلب تضافر جميع الجهود، بداية من المواطن الذي يعتبر شريكا مهما مع الوزارة في مكافحة هذه الظاهرة التي باتت تشكل خطراً حقيقيا على المجتمع السعودي. الجمعيات الخيرية والتبليغ حلول كما شدد أبا الخيل على أنه ينبغي على الفرد اختيار الطرق الصحيحة وعبر القنوات الرسمية لإيصال الصدقة والزكاة وعدم التعاون مع هؤلاء المتسولين وتوجيههم إلى الجمعيات الخيرية، بالإضافة إلى الإبلاغ عن أماكن تواجدهم وذلك بالاتصال على الدوريات الأمنية أيضا. النصب والاحتيال ثم استطرد: إن ظاهرة التسول تختلف من مجتمع إلى آخر من حيث الإشكال والأساليب المستخدمة، وتعد ظاهرة التسول في المملكة من الآثار السلبية وقد عملت على وتيرة الاستغلال باستخدام كافة وسائل الاحتيال والنصب أيضا. ونوه خالد أبا الخيل أن الوزارة عملت من منطلق مسؤوليتها على مكافحة أوجه التسول، وذلك من خلال عدد من البرامج والمبادرات، إلى جانب تقديم كافة السبل والدعم للفرق العاملة بالميدان لمتابعة المتسولين والحد من تواجدهم في مختلف المواقع. الشيخ عبد العزيز آل الشيخ خالد أبا الخيل