أكد صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكةالمكرمة، أن المملكة حققت ما لم تحققه دولة أخرى من قبل، وتفرّدت بسمات لم تتوفر في غيرها. وقال سموه خلال الحوار المفتوح مع الطلاب والطالبات والأكاديميين والمثقفين في جامعة الملك عبدالعزيز، ضمن أنشطة مركز الأمير خالد الفيصل للاعتدال: "إن المملكة قامت بأول وحدة ناجحة في القرن العشرين في الوطن العربي"، مستدركاً: "صحيح أن هناك الكثير ممن تحدث عن الوحدة وصفق لها، لكن من حقق الوحدة فعلاً هي المملكة العربية السعودية"، واستطرد: " المملكة انفردت بأنها قامت على التوحيد، ودستورها القرآن والسنة، ورايتها كلمة التوحيد، لا إله إلا الله محمد رسول الله، والإسلام شريعتها". وتابع سموه "إنّ المملكة أول دولة عربية تُعلن وتؤكد عروبتها في اسمها، فسمّت نفسها المملكة العربية السعودية، وهي الدولة الوحيدة في الوطن العربي التي اتفق عليها وضدها الشرق والغرب بأنظمته الرأسمالية، والدينية، واللادينية، والشيوعية، حيث اتفقت جميعاً على مهاجمتها لتتخلى عن مسارها، ولكنها رفضت، وصمدت، ونجحت، وهذا ما جعلني أقول وبكل فخر واعتزاز: ارفع رأسك أنت سعودي". وأكد الأمير خالد الفيصل أن إمارة منطقة مكةالمكرمة شرعت في الإسهام بالنهضة الفكرية، والحِراك الثقافي، لما يثري الحوار، ويدافع عن الشخصية الإسلامية العربية السعودية عند المواطن السعودي، لافتاً إلى أن المجتمع السعودي تعرض إلى شتى سبل التغلغل والتأثير بواسطة أحدث آليات التأثير الثقافي والفكري من شتى أنحاء العالم، ومن مختلف المنظمات، والمؤسسات، مضيفاً: "لقد ساء البعض نهضة المملكة على مبدأ الإسلام، وسائهم أكثر أنها نجحت في هذا المسار وأثبتت للعالم أجمع أن الإسلام صالح لكل زمان ومكان". وبيّن سموه: "شاركت إمارة المنطقة بمبادرات ثقافية وفكرية، مثل ثقافة الأمل والتفاؤل في مواجهة الإحباط، وثقافة احترام النظام، وثقافة منهج الاعتدال السعودي، وهو الركيزة التي انطلق منها مشروع وشعار هذا العام (كيف نكون قدوة)، وأود أن أركز على نقطة واحدة ونؤكد عليها، وأرجو من هذه الجامعة أن تحتفظ بحقوقي الفكرية في هذه النقطة التي لم يتطرق إليها أحد من قبل، وهي (التفرد السعودي)". وفي إجابة على سؤال عن تعريف الاعتدال المقصود، أكّد أمير مكةالمكرمة أنّه الذي بدأت به المملكة منذ نشأتها حتى اليوم، وقيامها على التوحيد، والإسلام دستوراً ومنهجاً وشرعاً، مضيفاً: "يشرفنا أن نتعامل مع الجميع على أساس الإسلام، وليس كما ظهر مؤخراً لما يسمى بالإسلام السياسي، الذي لا يمت للإسلام بشيء، وليس له أسس، ولا مبادئ، ولا أخلاق، بل هو تشويه لصورة المسلمين ويظلم الإسلام". وأشار سموه إلى أن مواجهة الفكر المتطرف لا تتأتى إلا بتحصين الشباب من التطرف بكل أشكاله، فالإرهاب اليميني واليساري يجتاح العالم، ولا بد من الوقوف في وجهه، فالأول يدعو للتطرف، والثاني يدعو للانحلال والتحلل. وشدد على أهمية الدور الذي يقع على عاتق الشباب لتعزيز مفهوم الاعتدال، وأن يتمثّل الجميع بشعار العام الذي أطلقته الإمارة تحت عنوان "كيف نكون قدوة؟"، لافتاً إلى أهمية نقل الاعتدال من المحلية إلى العالمية. وعن أهم هدف إستراتيجي لمركز الأمير خالد الفيصل للاعتدال، قال سموه: "إن أهم هدف أن نكون قدوة للعالم ولغيرنا؛ لأنّ الله أنعم على هذه البلاد بالإسلام ثم الأمن والاستقرار، وبقيادة تطبق شرع الله في كل مناحي الحياة، فما بينها وبين الناس هو كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، ونعمة تطبيق الشريعة في أنظمتنا العدلية، ويكفي أن حبانا الله بأن القرآن بلغتنا، وأن آخر رسول ونبي قدم رسالة الإسلام من هذه البقعة، وأن أول بيت وضع للناس على هذه الأرض". المملكة الوحيدة التي اتفق عليها وضدها الشرق والغرب.. فصمدت ونجحت وأضاف: "نعيش اليوم في زمن متسارع، فما كان يستغرق عشرات السنين أصبح يحدث سريعاً، والبحوث والدراسات أصبحت تصدر منتجات عالمية واختراعات مذهلة؛ لذا يجب أن نحث الخطى لنلحق بالركب والتقدم". وفي إجابة عن طرق تسخير وسائل التواصل الاجتماعي في منهج الاعتدال؛ رد سموه: "هم يعيشون الحياة، ونحن نعيش العالم الافتراضي".ولفت أمير منطقة مكةالمكرمة إلى أهمية تغيير الصورة النمطية التي أُلصقت بالمجتمع بشكل مبالغ فيه عن التطرف، منوّها إلى أنهم قلة، فيما المعتدلين كُثر، لكن تلك القلة أثرت على المجتمع، ويجب أن نواجه التطرف الديني واللاديني اللذين يشجعان بعضهما على الوجود، بأن نخرج عن حالة الصمت التي نعيشها، مشدداً "يجب أن لا نصمت". وفي معرض إجابة سموه على مداخلة عن دور المملكة في مكافحة التطرف والإرهاب، وتعزيز قيم الاعتدال والانتماء الوطني لدى أفراد المجتمع، قّدم الأمير خالد الفيصل شكره وتقديره لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، مؤكّداً أنّه يستحق التكريم من الداخل والخارج لجهوده في مكافحة الإرهاب والتطرف، مثمناً الدور الكبير لجميع رجال الأمن في المملكة على وجه العموم وفي منطقة مكةالمكرمة على وجه الخصوص. ونوّه أمير مكة بأنّ دور المجتمع في التصدي للإرهاب مهم ولن يأتي ذلك إلا بالتحلي بالأخلاق الإسلامية، مضيفاً: "لو فعلنا ذلك لكنا كما أراد الله لنا، بأن نكون خير أمة أخرجت للناس لنقود العالم بالمُثل والأخلاق العليا". وأبدى أمير منطقة مكةالمكرمة استعداد المركز للتعاون مع كافة المراكز الأخرى في المملكة؛ للإسهام لما فيه خير وخدمة المجتمع، مؤكداً أن المركز سيسخر كل وسيلة حديثة لنشر مفهوم الاعتدال، وسيطرق كل الأبواب لنشر مشروع وثقافة الاعتدال في المجتمع. وفي نهاية الحوار قدّم أمير منطقة مكةالمكرمة شكره للحضور وتسلّم من مدير جامعة الملك عبدالعزيز د.عبدالرحمن اليوبي "قلادة الاعتدال". الأمير خالد الفيصل محاضراً عن الاعتدال