سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
السفير الفرنسي في حوار خص به «الرياض»: المملكة وفرنسا ترتبطان بشراكة إستراتيجية طويلة المدى فرنسا ثالث مستثمر أجنبي في المملكة مع استثمارات تبلغ حوالي 15 مليار دولار
النظام السوري لا يبقى في الحكم سوى بدعم روسي وإيراني على الأصعدة العسكرية والمالية والدبلوماسية إيران والنظام السوري ينتهكان باستمرار وقف إطلاق النار ويعرقلان وصول المساعدات الإنسانية ويرفضان الالتزام على الميدان السياسي الحلّ في ليبيا سياسي ويمرّ بالمصالحة الوطنية من أجل وضع حدّ للانقسامات أدنّا بقوّة تصريحات الحكومة الإسرائيلية حول الاستيطان والتي من شأنها أن تصبّ الزيت على النار عمل فرنسا ضدّ "داعش" عسكري ومالي وسياسي.. فهو يمثل تهديداً مباشراً للأمن الدولي أبدى السفير الفرنسي لدى المملكة فرانسوا غوييت ارتياحه للمستوى الذي وصلت اليه العلاقات السعودية الفرنسية في المجالات المختلفة، واصفا اياها بالعلاقات الاستراتيجية والقوّية والوثيقة ومتسّمة بالثقة، مؤكدا ان المستوى الرفيع للعلاقات الثنائية الخاصة من شأنه تشجيع المصالح الاستراتيجية المتبادلة بين البلدين لمصلحة الشعبين الفرنسي والسعودي. على إيران أن تحترم التزاماتها وأن تكف عن نشاطاتها العدائية وتطرق السفير الفرنسي في حديث خاص ل"الرياض" عن الاوضاع في لبنان، اليمن، سورية، تونس وليبيا، والقضية الفلسطينية وعن مكافحة الارهاب بشكل عام ومحاربة (داعش) بشكل خاص والسبل الكفيلة لحل القضايا عبر الحلول السياسة المطروحة بعيدا عن النزاعات المسلحة. وفيما يلي نص حوار السفير الفرنسي مع "الرياض": * في ظل الشراكة الاستراتيجية بين فرنسا والمملكة العربية السعودية. كيف يمكن أن نصف العلاقات السياسية بين البلدين؟ * نعم هذا أمر حقيقي. تربط فرنسا والمملكة العربية السعودية شراكة استراتيجية على المدى الطويل وودية وشاملة. المجموعات الإرهابية المستفيد الرئيسي من انعدام الاستقرار في اليمن افتتحت فرنسا قنصليتها الأولى في جدّة عام 1839. منذ اللقاء الذي جمع الملك فيصل والجنرال ديغول عام 1967، تطوّرت علاقاتنا الثنائية بفضل اتصالات شخصية على أعلى المستويات. ما زال هذا التقليد قوّيا. قام الرئيس هولاند بأربع زيارات إلى المملكة العربية السعودية منذ انتخابه عام 2012. وكانت الزيارة الرسمية الأخيرة للرئيس هولاند التي قام بها في شهر مايو 2015 زيارة تاريخية إذ التقى بمقام خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز، وبولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف وبولي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان وكان ضيف شرف قمة مجلس التعاون لدول الخليج العربية. عززّت هذه الزيارة الشراكة الاستراتيجية مع المملكة ومع دول الخليج. * العلاقة بين باريس والرياض تقوم على الصداقة والثقة والمصالح المشتركة كيف ترون آفاق هذه العلاقة؟. *عقدت دائماً فرنسا والمملكة العربية السعودية علاقة قوّية ووثيقة ومتسّمة بالثقة ولقد عرفت هذه العلاقة زخماً جديداً خلال السنوات الماضية. في هذا السياق، كثّف بلدانا نمط الزيارات المتبادلة. في شهر يناير الماضي قام معالي وزير الشؤون الخارجية والتنمية الدولية، السيد جان-مارك إيرولت، بزيارة إلى المملكة والتقى بمقام خادم الحرمين الشريفين وبنظيره معالي الأستاذ عادل الجبير. وفي شهر مارس 2016، قام ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بزيارة إلى فرنسا حيث التقى بأعلى السلطات الفرنسية. وخلال شهر يونيو 2016، تشّرفت فرنسا باستقبال صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان كي تتطّرق معه إلى فرص تنمية العلاقات الثنائية في إطار رؤية المملكة 2030. التقى ولي ولي العهد بفخامة رئيس الجمهورية وبمعالي رئيس الوزراء وبمعالي وزير الشؤون الخارجية والتنمية الدولية وبمعالي وزير الدفاع، السيد جان-إيف لودريان. من ناحية أخرى عزّز أعضاء من البرلمان الفرنسي ومن مجلس الشورى السعودي علاقاتهم من خلال زيارات عديدة إلى الرياض وباريس، في إطار لجنة الصداقة الفرنسية - الخليجية. تشهد هذه اللقاءات وهذه الفعاليات عن المستوى الرفيع لعلاقاتنا الثنائية الخاصة التي من شأنها تشجيع المصالح الاستراتيجية المتبادلة بين بلدينا لمصلحة الشعبين الفرنسي والسعودي. * كيف يمكن تعزيز الشراكة الاستراتيجية الشاملة بمبادرة من مقام خادم الحرمين الشريفين والرئيس الفرنسي؟ * خلال شهر مايو 2015، اعتمد الرئيس هولاند والملك سلمان خطّة عمل طموحة من أجل تعزيز علاقاتنا من خلال نهج متساو الربحية. منذ ذلك الحين، عقدت فرنسا والمملكة العربية السعودية اجتماعين للجنة الفرنسية - السعودية المشتركة في باريس والرياض ترّأسهما سوية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ووزير الشؤون الخارجية والتنمية الدولية. ولهذه اللجنة المشتركة ثلاثة أهداف: * تحفيز رغبتنا المشتركة في تعزيز الشراكة الاستراتيجية الفرنسية-السعودية * تعميق علاقاتنا الخاصة من خلال تكثيف وتنويع تبادلاتنا التجارية * تحديد آفاق تعاون جديدة في إطار برنامج التحوّل الوطني 2020، الذي اعتمدته المملكة من أجل وضع الرؤية السعودية 2030 حيّز التنفيذ. في هذه المناسبة، أشاد رئيس الجمهورية الفرنسية بخطّة الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي اعتمدتها المملكة وأكدّ رغبة الحكومة الفرنسية ومستثمرو القطاع الخاص في تنمية تبادلاتنا ومشاطرة خبراتنا مع المملكة العربية السعودية. بنت فرنسا والمملكة شراكة شاملة متينة ومتميّزة في قطاعات عديدة ذات مصلحة مشتركة على غرار الدفاع والطاقة والصحة والزراعة والنقل والبنى التحتية والثقافة والتعليم والرياضة بل أيضاً العلوم والتقنية والإعلام والبيئة والمياه والسكن والسياحة والتراث. وفي حال طرح سؤال حول الاستحقاق المقبل للجنة المشتركة الفرنسية السعودية: إننا نتحاور مع السلطات السعودية من أجل تحديد المراحل المقبلة لحوارنا الثنائي وتغذية عمل هذه اللجنة المشتركة. سأتطرّق إلى هذا الموضوع مع ولي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان خلال الأسابيع المقبلة. مشاريع ثنائية * هل سيتواصل التعاون في مجال الدفاع بين المملكة وفرنسا؟ * منذ الثمانينات، هناك تقليد تعاون طويل ومثمر بين فرنسا والمملكة العربية السعودية، في قطاع الدفاع كما في قطاع التسلّح. إن حاجات المملكة مهمة والخبرات الفرنسية، في هذا المجال، كما في المجالات الأخرى، معترف بها عالمياً. يتمّ ترجمة تعاوننا في هذا المجال من خلال عدّة مشاريع ثنائية خلال السنوات الماضية. والبعض الآخر ما زال قيد المفاوضات. لن افصح عن أيّة تفاصيل في هذه المرحلة، إنّها، بطبيعة الحال، مواضيع في غاية التقنية وتتفهمّون أن حساسية المشاريع قيد التفاوض تتطلّب كلّ السرية الضرورية خلال المفاوضات. فرنسا ثالث مستثمر أجنبي * ما رأيكم بحجم العقود التي تمّ التوقيع عليها عام 2016 بين بلدينا؟ * تقوم العلاقات الثنائية الفرنسية السعودية على قطاعات تعاون اقتصادية وتجارية متنوّعة للغاية، تشمل النقل والسياحة مروراً بالطاقة. كان عام 2016 تمريناً انتقالياً بالنسبة للاقتصاد السعودي، لا سيما مع الإعلان عن رؤية 2030 ثم عن خطّة التحول الوطنية 2020. رغم الميزانية الصعبة، فازت شركاتنا بعدّة مشاريع رمزية في المملكة. على سبيل المثال، سأذكّر بالعقد الذي وقّعت عليه شركة تاليس من أجل صيانة الخطّ الحديدي الذي يربط الشمال والجنوب، أو العقد الذي فازت به شركة فيوليا، التي تشارك في مشروع أرامكو العملاق في مدينة جازان الحدودية. أودّ التشديد على أن نهج الشركات الفرنسية في المملكة يرتكز على رغبة شراكة تتعدّى دور المزوّد المحض. تطمح شركاتنا في المساهمة في خلق وظائف وتطوير الصناعة الوطنية، من خلال الاستثمار والتدريب. أريد أيضاً أن أذكّر بأن فرنسا هي ثالث مستثمر أجنبي في المملكة العربية السعودية مع استثمارات تبلغ حوالي 15 مليار دولار وتوّظف شركاتنا أكثر من 27 ألف شخص، 36 بالمئة منهم سعوديين، وهذا أعلى من المتوّسط. وأخيراً يمكننا الاعتماد على مجلس الأعمال الفرنسي-السعودي لتعزيز حجم الأعمال بين بلدينا. إنّي مقتنع بأن التجارة، هي بادئ ذي بدء، شأن من شؤون الشركات ورؤسائها. تعمل دولنا على دعمهم ومنحهم أفضل إطار من أجل تنفيذ مشاريعهم. هذا ما ينطبق أيضاً على الاستثمارات الفرنسية في المملكة العربية السعودية وعلى الاستثمارات السعودية في فرنسا. فرنسا وأمن لبنان * كيف تقيمون العلاقات الفرنسية اللبنانية؟ * كانت دائماً فرنسا منخرطة في أمن لبنان وسيادته ووحدته وتبدي تمسّكها بأن تستطيع السلطات والقوات المسلحّة اللبنانية الردّ على التهديدات التي تواجهها في أجواء إقليمية غير مستقرّة. كما ذكّر السيد جان-مارك إيرولت، بمناسبة الزيارة التي قام بها إلى بيروت بتاريخ 21 ديسمبر الماضي، تأمل فرنسا بالتالي أن يتسنّى تنفيذ عقد دوناس في مصلحة أمن لبنان. إن اتصالات وثيقة قائمة مع شركائنا اللبنانيين والسعوديين حول هذا الموضوع. * ما هي انطباعاتكم حول الدعوة القضائية بشأن مقتل رفيق حريري؟ *أنشأ القرار رقم 1757 (2007)، تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدّة، المحكمة الخاصة للبنان، وهي مسؤولة عن متابعة الأشخاص المتوّرطين في الاعتداء الإرهابي بتاريخ 14 فبراير 2005 الذي أودى بحياة رئيس الوزراء السابق، رفيق الحريري وحياة مسؤولين لبنانيين آخرين. أشادت فرنسا ببدء أعمال المحكمة بتاريخ 1 مارس 2009 وباستهلال الدعوى بتاريخ 16 يناير 2014 في لاهاي، بحضور سعد الحريري. إن مهمّة المحكمة الخاصة رئيسية من أجل احترام سيادة لبنان ومكافحة حالة اللاعقاب. لذا سنواصل تقديم دعمنا التام لا سيما على الصعيد المالي (مليون النصف سنوياً) للمحكمة الدولية. احترام إيران التزاماتها * كيف تنظرون إلى إيران منذ التوقيع على الاتفاق النووي؟ * دخل اتفاق فيينا حيّز التنفيذ بتاريخ 16 يناير الماضي ولا يزال تنفيذه ساري المفعول، كما تؤكّد ذلك التقارير الأخيرة الصادرة عن وكالة الطاقة الذرية الدولية حول احترام إيران لالتزاماتها. حرصت فرنسا خلال مرحلة المفاوضات على أن يشكّل هذا الاتفاق حلاًّ متيناً وعلى المدى الطويل وتحافظ فرنسا بالتالي على يقظتها التامة في مرحلة التنفيذ. إنّه من الضروري أن تحترم إيران التزاماتها الكاملة بشكل صارم. إنّه أساسي أن يتسنّى لإيران أن تصبح الآن لاعباً مسؤولاً عن استقرار جواره. * كيف تنظرون إلى برنامج الصواريخ الإيراني؟ * تشكّل مواصلة برنامج الصواريخ الإيراني مكمن قلق مهم بالنسبة لفرنسا. إن عمليات إطلاق الصواريخ، على غرار ما حصل بتاريخ 29 يناير الماضي، تناقض قرار مجلس الأمن رقم 2231، الذي يدعو إيران إلى الامتناع عن القيام بنشاطات مرتبطة بصواريخ بالستية، مصمّمة كي تكون قادرة على حمل رؤوس نووية بما فيها رمايات. يتعيّن على إيران أن تكفّ عن مثل هذه النشاطات. تعمل فرنسا على مستوى مجلس الأمن مع شركائها كي يقود الأمين العام التحقيقات اللازمة في منظور تقريره المقبل حول تنفيذ القرار. خطّة السلام في اليمن * ما هو موقفكم إزاء الوضع في اليمن وعملية "عاصفة الحزم"؟ * إن الوضع الميداني مقلق للغاية. لهذا السبب، لا تكفّ فرنسا عن الدعوة لوقف إطلاق النار فوراً ولتنشيط لجنة وقف التصعيد و لوقف الاعتداءات ضدّ الأراضي السعودية. ندين انتهاكات القانون الإنساني الدولي. نلاحظ فعلاً، أن المجموعات الإرهابية هي المستفيد الرئيسي من انعدام الاستقرار في البلد. وفرنسا تدعم جهود الوساطة التي يقوم بها السيد اسماعيل ولد شيخ أحمد إذ إن الحلّ السياسي وحده من شأنه أن يضع حدّاً للنزاع. لهذا السبب، نناشد جميع الأطراف لتقديم التنازلات الضرورية من أجل استئناف المفاوضات دون شروط مسبقة على أساس خطّة السلام التي قدّمها المبعوث الخاص للأمم المتحدة لليمن. فاليمنيون يعانون من عذاب لا يطاق. هناك ضرورة ملحّة لوقف الاعتداءات ضدّ المدنيين والبنى التحتية المدنية وأن تضمن الأطراف المعنية وصول المساعدات الإنسانية فوراً ودون عوائق إلى السكاّن المحتاجين من أجل السماح لعناصر المنظّمات الإنسانية بإدخال الضروريات الأساسية. إن فرنسا على استعداد لتقديم مساعدتها من أجل دعم حلّ سياسي. النظام السوري يقوض فرص السلام * ما هو موقف فرنسا من الثورة السورية؟ * تعتبر فرنسا منذ البداية أن لا حلّ سياسي لهذا النزاع. لن يستطيع النظام السيطرة مجدّداً على كلّ البلد وإرساء الاستقرار فيه. فهو لا يبقى في الحكم سوى بدعم روسي وإيراني على الأصعدة العسكرية والمالية والدبلوماسية. لا يجوز أن يكون الحلّ في سورية سوى حلاًّ سياسياً. ينتج عن إطالة النزاع تعزيز الإرهابيين الذين نقاتلهم وتزايد تدفّق اللاجئين. تشاطر هذا الموقف مجمل الدول التي لها مواقف مماثلة في مجموعة باريس بما فيها المملكة وفرنسا. حدّد المجتمع الدولي الحلّ السياسي الذي من شأنه أن يضع حدّاً للنزاع: هو القرار رقم 2254 وإعلان فيينا. هذا هو الحلّ الذي تدعمه اليوم فرنسا بينما تمّ استئناف المفاوضات في جنيف تحت رعاية الأممالمتحدة. كي تؤدّي المفاوضات التي انطلقت في جنيف إلى نتائج، إنّه من الضروري أن تلتزم الأطراف بنية طيّبه في العملية تحت رعاية المبعوث الخاص للأمم المتحدة، السيد ستيفان دو مستورا. هذا ما تقوم به المعارضة. أما النظام فيرفض أّية مفاوضات ويقوم بعمليات هجوم ميدانية. كي نمنح هذا الاجتماع كلّ فرص النجاح، يتعين أوّلاً أن يكفّ النظام عن انتهاكاته المتكرّرة للهدنة، لا سيما عمليات القصف الأخيرة على دمشق وحمص وثانياً أن تصل المساعدات الإنسانية بشكل آمن وفوري دون عوائق إلى المدنيين المحتاجين. * هل تواصل فرنسا دعمها للمعارضة المعتدلة؟ * إن دور المعارضة جوهري ميدانياً وفي المفاوضات. لا يسعنا سوى أن نشيد بروح المسؤولية وبراغماتية اللجنة العليا للمفاوضات، التي يترّأسها رياض حجاب، الذي قاد جهد التماسك والشمولية الذي طلبه ستيفان دي مستورا، من خلال عرض، على مجموعات القاهرة وموسكو لا سيما، الانضمام إلى وفد معارضة موّحد. إن هذا التجمّع غير رسمي في هذه المرحلة بيد أنّه يتقدّم. تدعم فرنسا هذه المقاربة. كي نمنح فرصة لجنيف، إنّه ضروري للغاية أن يتواصل التنسيق في جميع المبادرات الجارية. إنّه لا سيما، ضروري، أن تحرز مناقشات أستانا تقدّماً حول وقف الاشتباكات ووصول المساعدات وأن تؤدّي مفاوضات جنيف بسرعة إلى نتائج ملموسة حول المرحلة الانتقالية السياسية. في الوقت الراهن، نلاحظ أن إيران والنظام ينتهكان باستمرار وقف إطلاق النار ويعرقلان وصول المساعدات الإنسانية ويرفضان الالتزام على الميدان السياسي. يتعيّن على رعاة النظام أن يضطّلعوا بمسؤولياتهم. * ما هي رؤية فرنسا لمستقبل سورية؟ هل تعتقدون أن الدولة موحدّة؟ * إن تفكّك سورية قد يكون بمثابة كارثة للبلد وللمنطقة بأسرها. إن البلد اليوم مدمّر ومنقسم إلى عدّة مناطق. يتغذى أمراء الحرب والمجموعات الإرهابية من هذه الفوضى. سيستمرّ الوضع على حيله في حال لا يتمّ التوّصل إلى حلّ سياسي. إن فرنسا ثابتة في دعمها لدولة سورية موّحدة ديموقراطية سلمية تحترم الأقليات ومتماسكة مع تقليد ثقافتها السياسية المعتدلة وروحية الدولة. إن قيام مثل هذه الدولة أمر ممكن. هذا ما تطلبه الأغلبية الساحقة من السوريين. إنّنا على استعداد، مع الاتحاد الأوروبي، إلى المشاركة في إعادة بناء الدولة. ولكنّ، لن نقوم بذلك في غياب مرحلة سياسية انتقالية فعلية. شراكة متساوية مع تونس * كنتم تعملون في تونس كيف ترون الوضع الحالي في هذا البلد؟ * إن فرنساوتونس شريكان تاريخيان. منذ الثورة التونسية عام 2011، تعمّقت علاقات الثقة بين فرنسا والسلطات السياسية الجديدة في البلد. راهنت فرنسا على مثالية المرحلة الانتقالية التونسية كما يشهد على ذلك خيار رئيس الجمهورية بزيارة تونس ثلاثة مرّات خلال سنة ونصف (زيارة دولة في يوليو 2013، عقبها زيارة في فبراير 2014 وأخرى في مارس 2015، غداة إعتداء باردو). أتاحت مضاعفة الزيارات الرئاسية والوزارية في الاتجاهين مواكبة تونس والشعب التونسي في العملية الانتقالية وإقامة شراكة متساوية مع تونس، التي تعترف بأن "فرنسا باب طبيعي لأوروبا". واجهت تونس أوضاع صعبة (اعتداءات باردو في 18 مارس 2015، وسوس بتاريخ 26 يونيو 2015 وتونس بتاريخ 24 نوفمبر 2015 ثم بن غردان بتاريخ 7 مارس 2016). حشد المجتمع الدولي، وفرنسا بشكل خاص، جهودهما بقوّة من أجل دعم هذا البلد كي يواجه التحدّيات الأمنية والاقتصادية. تبقى هكذا فرنسا معبّئة على جميع المستويات من أجل تونس وتشجّع دعمها على الصعيدين الأمني والاقتصادي. في هذا الإطار، وبفضل تحفيز فرنسا وألمانيا وبريطانيا، تسنّى إقامة التعاون المحلي بشكل مجموعة سبعة موّسعة. * كيف تقيمون الأوضاع الحالية في ليبيا؟ *لا يوجد حلّ سياسي عسكري في ليبيا: لا يمكن لأي فريق أن ينتصر على الفريق الآخر. إن الحلّ هو حلّ سياسي ويمرّ بالمصالحة الوطنية من أجل وضع حدّ للانقسامات التي لا تستفيد منها سوى المنظمات الإرهابية. لذلك، تدعم فرنسا كليّاً العملية السياسية التي أطلقها اتفاق الصخيرات الموّقع بديسمبر 2015. هناك إجماع يتبلور اليوم في ليبيا كما على الساحة الإقليمية والدولية حول ضرورة أن تكون المؤسسات المنبثقة من اتفاق الصخيرات أكثر فعالية وتمثيلاً. إننا نعمل في هذا الاتجاه وندعم الجهود التي تبذلها دول الجوار (مصر والجزائر وتونس بشكل خاص) وتندرج هذه الجهود تماماً في الخطّ الذي يدعم الحوار الليبي من أجل التوّصل إلى تسويات في إطار عملية الصخيرات ودعماً لوساطة الأممالمتحدة التي تبقى بطبيعة الحال مركزية. تدعم فرنسا الجهود التي تبذلها حكومة الوفاق الوطني والتي تهدف إلى ضمان المصالحة الوطنية وإلى إعادة سلطة الدولة. لذلك، نقدّم دعمنا للحرس الرئاسي في طرابلس الذي يؤمّن حماية مؤسسات الدولة ويساهم بالتالي في تعزيز الأمن في طرابلس. تستقبل فرنسا حالياً قائده. إن الحرس الجمهوري لا يحلّ محلّ الجيش: ينبغي أن يتمّ تشكيل الجيش من جميع القوى الليبية التي يتعيّن عليها أن تكون متحدّة في وجه عدو مشترك ألا وهو الإرهاب. يجب أن تخضع هذه القوات المسلحّة إلى سلطة الحكم المدنية. على الصعيد السياسي، يكمن الهدف في التوّصل إلى تسوية تشمل الشرق بشكل كامل في العملية دون فقدان الغرب. من أجل هذا الهدف، نشجّع الحوار بين برلمان طبرق ومجلس الدولة في طرابلس. وقد أشادت فرنسا بالتقدّم الذي أٌحرز في مكافحة الإرهاب في ليبيا، في سرت كما في بنغازي. من أجل التغلّب بشكل مستديم على هذه الآفة، تكمن الأولوية في توحيد القوات المسلّحة تحت سلطة رئيس الوزراء سراج المدنية. كما أدانت فرنسا أعمال العنف في العاصمة الليبية بتاريخ 10 فبراير. وبتاريخ 25 فبراير، أدان مجدّداً سفراء فرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وإيطاليا وألمانيا وإسبانيا أعمال العنف هذه وإطلاق النار ضدّ موكب رئيس الوزراء في طرابلس وأشادوا باتفاق وقف إطلاق النار بين الميليشيات، الذي تمّ التوّصل إليه بفضل وساطة المجلس الرئاسي. وتشيد فرنسا بالجهود التي بذلتها مصر ودول الجوار بشكل عام. إن رفض الجنرال حفتر مقابلة رئيس الوزراء سراج في القاهرة رغم تعبئة مصر أمر مؤسف. إن سيطرة المجلس الرئاسي الفعلية على الموارد النفطية ومؤسسات الدولة الاقتصادية ضرورة مطلقة. ينبغي المحافظة على أموال الشعب الليبي وإن أقصى الحذر مطلوب في وجه محاولات عمليات تصدير النفط الغير شرعية. عملية السلام في الشرق الأوسط * دعت فرنسا إلى مؤتمر دولي من أجل القضية الفلسطينية. أين وصلت الأمور؟ * اليوم، في غياب حوار بين الأطراف وأفق سياسي موثوق، يتواصل تدهور الوضع بشكل مقلق. لقد أدنّا بقوّة التصريحات التي أدلت بها الحكومة الإسرائيلية حول الاستيطان والتي من شأنها أن تصبّ الزيت على النار. تبقى فرنسا متمسّكة بشكل جوهري بحل الدولتين وبإقامة دولة فلسطينية قابلة للعيش ومستقلّة، تعيش بسلام وأمن إلى جانب إسرائيل وتكون القدس عاصمة للدولتين: هذه هي الرسالة التي نقلها الوزير إلى نظيره الأميركي خلال اتصالاتهما الأخيرة. أكّد المجتمع الدولي مجدّداً حلّ الدولتين بصوت مرتفع وقوي بمناسبة اعتماد القرار 2334 بتاريخ 23 ديسمبر 2016 بشبه إجماع مجلس الأمن. ولكن، لسوء الحظّ إن الاستيطان وأعمال العنف تهدّد هذا الحلّ. علينا أن نضاعف يقظتنا وجهودنا كي نحول دون تفكّك هذا الحلّ. هذا هو منحى الجهود التي بذلتها فرنسا خلال الأشهر الماضية والتي سمحت بانعقاد أوّل اجتماع وزاري بتاريخ 3 يونيو في باريس، ضمّ حوالي 30 شريكا ثم تنظيم مؤتمر دولي بتاريخ 15 يناير 2017 في باريس، بحضور 75 دولة ومنظّمة دولية. أتاح هذا المؤتمر للمجتمع الدولي أن يعرب عن دعمه لحلّ الدولتين وعن عزمه للالتزام جماعي من أجل إعادة خلق الظروف المواتية لاستئناف عملية السلام. سيتوّصل وحدهم الإسرائيليون والفلسطينيون إلى السلام ولكنّنا مقتنعون بأنّه يتعيّن على المجتمع الدولي تشجيعهم ومساعدتهم. النظام السوري غذى انتشار (داعش) * كيف تفسرّون ظهور وانتشار (داعش)؟ * داعش منظّمة إرهابية متواجدة اليوم في سورية والعراق وتسعى إلى تصدير إرهابها إلى ما أبعد من الشرق (ليبيا ومصر وأوروبا وغيرها) إن أصل داعش يعود إلى فرع القاعدة العراقي وتطوّر منذ عام 2006، وهو العام الذي أنشئت فيه المنظّمة. كان هدفها آنذاك، توحيد الحركات المتطرفة والقيام بعمليات حرب عصابات ضدّ الجيش الأميركي. ثمّ، إن الفوضى الناتجة عن القمع المستمر الذي يقوم به النظام السوري منذ 2011، غذّت انتشار داعش. وبالفعل، بسبب استمرار الحرب الأهلية في سورية، التي يؤجّجها عمداً نظام بشار الأسد كي يبقى في الحكم، استطاع أبو بكر البغدادي إعلان، عام 2013 عن قيام (داعش)، ثم في شهر يونيو 2014، غداة الاستيلاء على الموصل، إعلان دولة (داعش). * لماذا وكيف تدخلّت فرنسا في مكافحة (داعش)؟ * يمثّل داعش تهديداً مباشراً للأمن الدولي، أكان ذلك بسبب الأعمال الإرهابية التي يتمّ ارتكابها باسمه في جميع أرجاء العالم، بما فيها، كما تعلمون، على الأراضي الفرنسية، أو بسبب الانتهاكات التي يرتكبها على أجزاء من الأراضي السورية والعراقية التي يحتلّها بالقوّة. لهذا السبب، إن عمل فرنسا ضدّ داعش هو في الوقت نفسه عسكري ومالي وسياسي. عمل ثلاثي الجوانب إن فرنسا أحد الأعضاء المؤسسين للتحالف الدولي ضدّ داعش الذي تمّ تشكيله في سبتمبر 2014. منذ ذلك الوقت في العراق ومنذ سبتمبر 2015 في سورية، تقوم فرنسا بعمليات جوّية وتقدّم النصائح والتدريب لقوّات الأمن العراقية (لا سيما الأكراد). تقدّم أيضاً فرنسا دعمها للمجموعات المعتدلة التي تحارب داعش في سورية؟. حشدت أيضاً فرنسا جهودها من أجل تجفيف مصادر تمويل داعش، إلى جانب شركائها الأوروبيين والدوليين. لذا، تقوم بعمل ثلاثي الجوانب، في مجلس الأمن وفي الاتحاد الأوروبي وعلى الأراضي الوطنية، من أجل مكافحة، بشكل خاص، عمليات تهريب النفط والأعمال الفنية. بيد أن فرنسا مقتنعة تماماً بأن جهودها العسكرية وجهود شركائها لن تأتي بنتائجها الكاملة في حال لم يتمّ التوصّل إلى حلول سياسية مستديمة للأزمتين السورية والعراقية. في هذا الصدد، يبقى موقف فرنسا بشأن سورية واضحاً وثابتاً: إن من شأن انتقال سياسي فعلي فقط أن يؤدّي إلى حلّ الأزمة وتخفيف التطرّف بشكل مستديم. إن هذا الهدف ليس فقط هدفاً أخلاقياً: لا يبقى نظام الأسد في الحكم، منذ قرابة ستة سنوات، سوى من خلال تأجيج الحرب الأهلية. في العراق، ندعم الجهود التي تقوم بها الحكومة في مجال الإصلاحات ونشجّعها على اعتماد، دون تأخّر، الاجراءات التي تمّ الإعلان عنها في فصل الخريف 2014 من أجل المصالحة الوطنية. إن ترجمة هذا البرنامج إلى أفعال شرط ضروري من أجل حلّ مستديم للأزمة، من شأنه أن يسمح الانتصار على داعش. * تحرير الموصل وهل هو حدث مهم في الحرب ضدّ داعش؟ * استولى داعش على مدينة الموصل، الواقعة شمال العراق، في أبريل 2014. إن تحريرها أمر حاسم من عدّة نواح. على الصعيد العسكري، تؤدّي إلى ضرب داعش في وكره، حيث اعتقد أنّه بإمكانه بناء قلعته في العراق. إن هذه المعركة حاسمة أيضاً على الصعيد الإيديولوجي، إذ إنّه أعلن عن قيام خلافة مزعومة لداعش في هذه المدينة. وأخيراً، إن هذه المعركة حاسمة للعراق: يكمن رهانها في إعادة إعطاء الأمل للعراقيين، الذين طردوا، في العودة إلى منازلهم والعيش بسلام وأمن. لهذا الهدف، أطلقت القوات المسلّحة العراقية والبشماركة، منذ أكتوبر 2016، عملية واسعة من أجل استرجاع الموصل. تتمّ هذه العملية بدعم جوي من التحالف الدولي وبالتالي بدعم من فرنسا. حتّى الآن، تمّ تحرير شرق المدينة وتتواصل المعارك اليوم في غربها. استهداف فرنسا * لماذا يتمّ استهداف فرنسا اليوم؟ هل تدفع ثمن مواقفها السياسية؟ * تضرّرت فرنسا جرّاء اعتداءات رهيبة على أراضيها في شهري يناير ونوفمبر 2015 ثم في شهر يوليو 2016، لا سيما لأن الإرهابيين يكرهون قيمنا الجمهورية ألا وهي الحرّية والتسامح والعلمانية. لكنّ هذه الاعتداءات الإرهابية هي أوّلاً نتيجة وجود منظّمة إرهابية دولية تجندّ، لا سيّما في أوروبا، وتطوّر إيديولوجية حرب وتريد الاعتداء على الدول الغربية، بل أيضاً على دول الشرق الأوسط. بطبيعة الحال، كما تعلمون، تكافح المملكة تنظيم داعش كما تعكس ذلك الاعتداءات الإرهابية العديدة على الأراضي السعودية أو العمليات التي أدّت إلى تفكيك عدّة خلايا إرهابية في جميع أنحاء البلد. تعزّز همجية داعش عزمنا على مكافحة هذه المنظّمة الإرهابية. غوييت: العلاقات السعودية الفرنسية إستراتيجية النظام السوري غذى انتشار «داعش» (عدسة/ عبداللطيف الحمدان)