أكّد وزير الخارجية عادل الجبير أمس، خلال مؤتمر صحفي مع وزير الخارجية الفرنسي جان مارك أيرولت عقده في الرياض، على عمق العلاقات التي تربط المملكة بفرنسا والتي مضى عليها ما يقارب القرن، وأشار الجبير إلى التطابق في الرؤى بين البلدين تجاه عديد من القضايا؛ كالأزمة في سوريا، والأزمة اليمنية، العراق، ولبنان وليبيا، وتدخلات إيران في شؤون دول المنطقة، وثمّن الجير دور فرنسا فيما يتعلق بعملية السلام في الشرق الأوسط. وحول العلاقة مع الولاياتالمتحدةالأمريكية قال الجبير إن «العلاقات السعودية-الأمريكية علاقة طويلة الأمد، وهي علاقة استراتيجية، ذات جوانب عدة، فتربطنا علاقة قوية جداً منذ عقود في المجال الأمني والعسكري والسياسي والاقتصادي والعلاقات الاستثمارية والعلاقات بين الشعوب، حيث يوجد ما يعادل نصف المبتعثين والمبتعثات خارج المملكة – والذي بلغ 200 ألف مبتعث ومبتعثة – نصف هذ العدد يدرس في الولاياتالمتحدة. وأضاف الجبير أن الشعب الأمريكي عبّر عن صوته عندما انتخب الرئيس دونالد ترامب، وعلينا أن نحترم إرادة الشعب الأمريكي، ونتطلع للعمل مع إدارة الرئيس ترامب لتعزيز العلاقات الثنائية، والتعامل بإيجابية مع التحديات العديدة التي تواجهها منطقتنا، سواء في سوريا، أو العراق أو اليمن وليبيا وخاصة فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب قضايا المالية والطاقة. وأشار الجبير إلى المواقف التي عبّر عنها الرئيس ترامب تتفق مع مواقف المملكة بشكل تام، وإعادة الحضور الأمريكي على مستوى العالم هو أمر نرحب به نحن وجميع الأمريكيين، وأوضح الجبير أن غياب الحضور الأمريكي خلق فراغاً، وإذا كان هناك فراغ في النظام الدولي فهو مدعاة لأن تسعى قوى الشر لأن تملأه، عندها سيتحتم علينا جميعاً تكثيف جهودنا لمواجهة قوى الشر هذه، وسيكون علينا أن ندفع ثمن ذلك غالياً، لذا فإن حضور الولاياتالمتحدة في المسرح العالمي لتلعب فيه دوراً إيجابياً هو أمر نرحب به جميعاً. وأوضح الجبير «لقد صرح الرئيس ترامب بأن من أهدافه دحر داعش ونحن حالنا في ذلك حال جميع الدول المتحضرة في العالم ندعم هذا الهدف، ونتطلع للعمل مع الإدارة الأمريكية لتحقيق هذا الهدف، وتحدث عن احتواء إيران والحد من قدرتها على التسبب بحدوث القلاقل، والحرص على أن تلتزم إيران بكل ما ورد في الاتفاق النووي الذي وقعته، وهو يتطابق تماماً مع موقفنا، ونحن على استعداد للعمل معه في هذا النطاق، كما عبّر عن هدفه بإعادة بناء تحالفات تقليدية أو تحالفات مع حلفاء أمريكا التقليديين، وهو أمر نحن كذلك نرحب به.» وقال الجبير «نتطلع للعمل مع إدارة ترامب ونحن إيجابيين تجاه مستقبل العلاقات السعودية الأمريكية ونتطلع- كما قلت- للعمل مع الإدارة الأمريكية، فعندما ننظر للأفراد الذين عينهم الرئيس ترامب أو رشحهم لمناصب رئيسة في إدارته، سواء كنا نتحدث عن الجنرال جيمس ماتيس لتولي منصب وزير الدفاع، والجنرال كيلي وزيراً للأمن القومي، ودمايك بومبيو مديراً لوكالة الاستخبارات، وريكس تيلرسون وزيراً للخارجية، ويبلور روس وزيراً للتجارة، وستيفن منوتشين وزير الخزانة، جميعهم أفراداً يتميزون بكفاءة عالية وخبرة واسعة، يمتلكون رؤية واقعية وحكيمة تجاه العالم، ودور الولاياتالمتحدة فيه». وأضاف: إننا متفائلون جداً بإدارة الرئيس ترامب ونتطلع للعمل الوثيق مع إدارة ترامب للتعاطي مع التحديات العديدة، ليس على مستوى منطقتنا فحسب، بل على مستوى العالم». من جانبه أكد وزير الخارجية الفرنسي جان مارك أيرولت على متانة العلاقات الفرنسية السعودية، ووصفها بالاستراتيجية. وقال:» نحن مصممون على دحر الإرهاب وإحلال السلام في المنطقة وفي كل الدول، ونعرف أن بلدينا مهددان وأن البلدين ضحايا للإرهاب، وبالنسبة لنا الحرب على الإرهاب هي قبل كل شيء هي الحرب على داعش والقاعدة، ولقد ذكرت بضرورة التعاون في الحرب على التطرف، وهذا ما تقوم به المملكة وما نقوم به نحن في مجتمعنا الفرنسي، ولكن علينا أن ننسق ذلك على وجه أفضل على الصعيد الدولي، وعلينا أن نقبض بذلك على الشبكات الإرهابية وهي موجودة وهي لم تختف، والعمل كذلك على تجفيف منابع الإرهاب في إطار التحالف الدولي، وننسق العمل برئاسة مشتركة مع المملكة العربية السعودية». وأكد الوزير الفرنسي أهمية تحرير الموصل وأنها معقل من معاقل داعش ومواصلة الحرب بعد ذلك للوصول إلى الرقة في سوريا، مؤكداً الحاجة إلى حلول سياسية تشمل كل أطراف المجتمعات المعنية على تنوعها لإنهاء داعش. وفيما يخص سوريا قال: «نحن نعرف الوضع المروع والمأساوي ومئات الآلآف من القتلى وملايين اللاجئين والنازحين والبلد المدمر، ونبذل الجهد لكي نتوصل لوقف لإطلاق النار وقفاً دائماً ووصول المساعدات الإنسانية للسكان الذين يعانون ثم الوصول إلى حل سياسي، وهنا لنا نفس النظرة وهي العمل على أساس إعلان جنيف 2012 والقرار 2254 من مجلس الأمن الذي يجب أن يكون أساس الانتقال السياسي، ونحن نتمنى النجاح لاجتماع أستانا ولكن على الأقل بالنسبة لموضوع أولوي وهو الوقف الحقيقي للعمليات العسكرية». وأضاف:» لا أعلم إن كان سيتم التوصل إلى اتفاق، نحن نتمنى ذلك ولكننا نقول إن المفاوضات في جنيف يجب أن تتم بأسرع ما يمكن في إطار الأممالمتحدة وتحت رعايتها». وفيما يخص اليمن أكد دعم بلاده لجهود الأممالمتحدة وأنها توليها اهتماماً خاصاً من أجل حل سياسي ، مشيراً إلى أن السبيل الوحيد هو الهدنة والحوار السياسي بأسرع ما يمكن، دون نسيان الوضع الإنساني. وفي الشأن الفلسطيني قال :» لقد شكرت المملكة العربية السعودية على مشاركتها في المؤتمر الأخير حول عملية السلام، حيث سمح البيان الختامي بإعادة التأكيد على أهمية مبادرة السلام العربية التي أطلقتها المملكة عام 2002 التي لاتزال موضوع الساعة وهذه المبادرة تذكر بالموقف التقليدي للأسرة الدولية، وأنه ما من حل للسلام دون إقامة دولة فلسطينية تعيش بسلام وأمان إلى جانب إسرائيل وهذا لن يحصل إلا عن طريق التفاوض بين الطرفين وبتنظيمنا لهذا المؤتمر في باريس أردنا أن نذكر بالضرورة والطابع الملح والطارئ لذلك وألا نقود أوروبا إلى العنف وضرورة استئناف المفاوضات على خطوط ال 67 مع القدس كعاصمة للدولة الفلسطينية «. وأشار إلى أن العلاقة مع المملكة لها بعد اقتصادي وهي علاقة متينة، عاداً المملكة أول شريك اقتصادي لفرنسا في المنطقة، وفي الشهور العشرة الأولى من عام 2016 زادت صادرات بلاده بنسبة 20% عن سنة 2015 . وأكد استعداد بلاده بالعمل أكثر مع المملكة سياسياً واستراتيجياً والمساهمة معاً في حل النزاعات والخروج من الأزمات وتعزيز السلام، وبناء عالم متوازن يفتح الآفاق خاصة للشباب، موضحاً أن الشراكة الاستراتيجية الفرنسية السعودية قائمة وهي قوية وسط عالم محفوف بالتقلبات ومتغير وتيارات سياسية، ومن المهم أن تكون هناك أقطاب مستقرة، والمملكة العربية السعودية هي قطب من أقطاب الاستقرار، والتعاون الاستراتيجي الفرنسي السعودي هو أيضاً عامل من عوامل هذا الاستقرار، فأجهزة الاستخبارات تتعاون بين البلدين. وقال:» من جانب المملكة العربية السعودية وربما في فرنسا ناس يعرفون ذلك كثيراً كانت هناك مبادرات وخاصة تحالف جديد تم تشكيله من 40 دولة بمبادرة سعودية، والمملكة العربية السعودية تشارك ايضاً في التحالف الدولي وتتدخل بتوجيه ضربات مثل فرنسا ضد الإرهابيين، ومؤخراً السلطات السياسية السعودية العليا وخاصة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أدان الإرهاب والتطرف، وكذلك مفتي المملكة العربية السعودية وصف داعش والقاعدة بأنهما العدو الأول للإسلام، وذكر بأن المسلمين هم أول ضحايا هذا التطرف ويجب نذكر دوماً بذلك».