التعليم بمخرجاته، وتعدد مراحله، وتنوع تخصصاته، وأساليب قياسه وتقويمه؛ هل هو مسؤول عن تحصيل العلم، أم عن توظيف الخريجين؟، وهو سؤال جدلي مثار في كل مرة نتحدث فيها عن البطالة واحتياجات سوق العمل، وننقسم في آرائنا بين من يرى التعليم غايته المعرفة والمهارة وليس له علاقة بالوظيفة، وإلاّ تحول من تعليم إلى تدريب منتهٍ بالتوظيف، وهناك من يرى أن التعليم معرفة ومهارة ووظيفة أيضاً، وإلاّ لم يعد للشهادة قيمة من دون وظيفة تلبي حاجة السوق من التخصصات الملحة. هذا السؤال تحملتْ أعباؤه وزارة التعليم أكثر من وزارتي العمل والخدمة المدنية، والقطاع الخاص عموماً، وكان جوابها واضحاً من أن التعليم لتحصيل العلم، أما الوظيفة يحكمها اعتبارات أخرى لا علاقة للتعليم بها؛ من أهمها حاجة السوق، وكفاءة الخريج، ونوع الوظيفة، وشروطها، وامتيازاتها، وبالتالي الدفع بأعداد الخريجين في كل عام لا يعني مسؤولية توظيفهم، وإنما مسؤولية تأهيلهم. ما يدعونا لإثارة الموضوع؛ المؤتمر الذي تنظمه عمادة السنة التحضيرية بجامعة الإمام اليوم عن تكامل أدوار السنوات التحضيرية مع متطلبات سوق العمل؛ بهدف بحث واقع العلاقة بين البرامج التحضيرية في الجامعات السعودية والتعليم العام من جهة، وبين هذه البرامج والأقسام العلمية داخل الجامعات من جهة أخرى، بما يؤدي إلى الكشف عن مدى التنسيق والتكامل بين البرامج التحضيرية والتعليم العام والجامعي، لاسيما في مجال تأهيل مخرجات الجامعات السعودية لمواكبة متطلبات سوق العمل في إطار تحقيق الرؤية الوطنية 2030. المؤتمر هو الآخر يضع حداً للجدل المثار عن مخرجات التعليم وارتفاع أعداد العاطلين عن العمل، حيث يسعى إلى تأهيل الخريجين وليس توظيفهم، وهذه الحقيقة علينا أن نتعامل معها على أنها واقع نفصل فيه بين العلم في الجامعة، والوظيفة في السوق، ونبحث عن مشتركات للمواءمة بينهما، ولكن من دون تحميل وزارة التعليم مسؤولية العاطلين عن العمل، ومن دون ضغط أيضاً على المؤسسات الحكومية والخاصة تحديداً في توظيف الخريجين الذي لا يمكن استيعابهم جميعاً. لذا؛ الجواب عن السؤال المثار هي مسؤولية الخريج بالدرجة الأولى؛ فكل من تعلّم بشكل مميز، واكتسب مهارات تخصصه وامتهنها في الميدان قبل تخرجه؛ يستطيع أن يقنع الآخرين بها، بل ربما كان مطلوباً لشغل الوظيفة وتنافست عليه جهات عدة، ولكن يبقى سؤال آخر عن الواسطة في التوظيف بعيداً عن أي اعتبارات للكفاءة والمؤهل والخبرة والتخصص والمهنة؟، والجواب أن الواسطة مشكلة اجتماعية لن تزول إلاّ بتقنين النافذين منها، واستغلالهم للشفاعة في التستر على تجاوزاتهم، ومع ذلك لا تحبطنا في الوصول إلى الوظيفة. ٍ