سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
وظائف القطاع الخاص المختطفة.. تلقي بالمواطنين على رصيف البطالة ملايين الفرص الوظيفية تنقاد للمقيمين وتحاصر المواطنين بالسعودة الوهمية والرواتب المتدنية
في مرحلة باتت وظائف القطاع الخاص تمثل الملاذ لشباب الوطن بعدما تشبعت الوظائف الحكومية وأصبحت غير قادرة على استيعاب أعداد الخريجين المتزايدة، ساق الطموح شبانا آخرين ليولوا وجوهم شطر الغرب تارة والشرق تارة أخرى بغية النهل من منابع العلم والحضارة، تدفعهم أحلامهم الوردية نحو مستقبل مهني يمكنهم من الحصول على وظيفة تليق برحلة العلم التي أمضوا سنوات من عمرهم في سبيلها، إلا أن واقعاً اليماً واجه العائدين من الابتعاث بشراسة مثلما واجه الكفاءات المؤهلة محلياً من خريجي التخصصات المختلفة، ليبقى سوق العمل المحلي طارداً للمواطنين بغض النظر عن تأهيلهم وكفاءتهم وتخصصاتهم، فلم يشفع للمبتعثين تميزهم وتحصيلهم العلمي العالي، ولم يشفع للناجحين من أبناء الوطن شغفهم بالنجاح وتحملهم لمتطلبات القطاع الخاص برواتبه الضعيفة وساعات عمله الطويلة، فقد طرد سوق العمل أغلب السعوديين على الرغم من التوجه الحكومي الجاد للزج بالسعوديين في أحضان القطاع الخاص بسلطة النظام، إلا أن البيانات المنشورة مؤخراً أظهرت أن 48% من المواطنين العاملين في هذا القطاع تقل رواتبهم عن 3000 ريال، الأمر الذي جعل مراقبين يضعون كل هذه النسبة التي تلامس النصف في خانة السعودة الوهمية، لتتكشف ملامح السوق المحلي الحقيقية، ويظهر الخلل الكبير الذي ظل مستتراً تحت التصريحات الصحفية المتفائلة التي أطلقها مسؤولو وزارة العمل طيلة العقد المنصرم، مما دعا مراقبون للمناداة بفرض حصر العمل في مهن محددة على المواطنين، كما هو في مهن التعقيب والحراسات الأمنية. مبتعثون وحملة شهادات عليا يلفظهم السوق رغم كفاءتهم وتخصصاتهم المميزة فلماذا تستعصي ملايين الوظائف في القطاع الخاص على المواطنين، وتنقاد طواعية للمقيمين بشكل قلما يحدث في أي بلد من المفترض أن يقوم على سواعد مواطنيه؟ وإلى متى يهرول التجار السعوديون وراء تعظيم الأرباح بغض النظر عن مصلحة الوطن والمجتمع؟ وما هي مشكلة طالب العمل السعودي الأزلية التي جعلت سوق العمل المحلي يلفظه طيلة كل هذه العقود؟ الكوادر السعودية المؤهلة تركض وراء سراب وظائف صممت لغيرهم منذ عقود خلل السوق أكد عبدالله الزهيري – خبير في الموارد البشرية – أن الخلل الأساسي يكمن في وضع شركات ومؤسسات القطاع الخاص التي تهيمن عليها المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بنسبة تصل إلى 80%، إضافة إلى شركات المقاولات، وأشار إلى أن المنشآت الصغيرة والمتوسطة وكذلك شركات المقاولات وخاصة الصغيرة منها ليس في ثقافتها، ولا في قدرتها مسألة استيعاب السعوديين وتوظيفهم وتدريبهم. وأكد الزهيري أن الشركات الكبرى والشركات التي تدار بإدارة محلية ولديها تنظيم إداري لا تعاني من مشاكل في مسألة توظيف السعوديين وتوطين الوظائف، مرجعاً ذلك إلى وجود الإدارات الوطنية والمسار الوظيفي للموظف والتنظيم الإداري. وبين أن قطاع التجزئة والذي يعد القطاع الأكبر في البلاد هو قطاع من الناحية التنظيمية هش وهلامي وغير منظم، ويقع تحت مظلة التستر، وبالتالي هو المرتع الخصب والمناسب للمقيمين، ولا يمكنه بشكله الحالي أن يكون جاذباً للمواطنين، مشدداً على أن الخطأ الفادح يكمن في توظيف السعوديين في هذا القطاع برواتب وطبيعة عمل هي مصممة أصلاً للمقيمين، مما يجعل قطاع الشركات الصغرى والمتوسطة طارداً للسعوديين بشكل واضح. وأشار إلى أن لدى الغالبية العظمى من منشآت القطاع الخاص عدم ثقة في الشاب السعودي على الرغم أنه متى ما وجد الراتب الجيد والمسار الوظيفي الواضح، فإنه يكون موظفاً منتجاً مستقراً ومنتظماً، وشدد على أن منشآت القطاع الخاص ليس لديها مبادرات وطنية لتقتطع من أرباحها من أجل تدريب وتوظيف المواطنين على الأقل من الناحية الوطنية وخدمة المجتمع. سوق العمل مختطف أكد أحمد القحطاني – خبير موارد بشرية – أكد أن غالبية منشآت القطاع الخاص لم تكن جادة في توظيف المواطنين، ولم تتعامل مع توظيفهم كعمل حقيقي جاد بقدر ما هو فقد إجراء شكلي لتحسين موقفها في نظام التوطين، وقال: إن القطاع الخاص أثبت أنه فشل فشلاً حاداً وصريحاً في إدارة المواهب، وللأسف فإن المنشآت التي فشلت في هذا أصبحت تلقي باللوم على الشاب طالب العمل، فيما كان بإمكانها عوضاً عن ذلك أن تأخذ بيد الشاب كحديث تخرج، وتمنحه الاهتمام الكافي من خلال تدريبه وتحديد المتوقع منه والمأمول، ويحدد مساره الوظيفي المستقبلي. وأضاف القحطاني: إنه في حالة توظيف السعودي دون تقديم الدعم المناسب له، ثم فشله، فإن المنشأة هي التي تتحمل ذلك الفشل وليس الشاب، وإدارة المواهب ليس بالحديث، لكن للأسف القطاع الخاص يتجاهله، ويضع شبابنا في مواجهة الواقع الصعب الذي لم يتم تهيئتهم لمواجهته. وأكد أن قطاع الأعمال قد بُني على خلل كبير في تركيبة العاملين به منذ أمد بعيد، الأمر الذي جعل السعوديين أقلية في أكبر ميادين التوظيف في البلاد لعقود متتالية، وقال: إنه حين نجد السعودة في شركات وطنية تتراوح بين 5 إلى 15% كحد أقصى فإن ذلك يعد أمراً محرجاً للغاية لنا كبلد، وكاقتصاد، ويبلغ الإحراج ذروته حين يصبح السعوديون أكثر عدداً وأكثر استقراراً في الشركات العالمية العاملة في المملكة أكثر منهم في الشركات الوطنية. وأضاف: لماذا ينجح ويستقر السعوديون في الشركات العالمية العاملة في المملكة؟ السبب يكمن في سياسة الإدارة في تلك الشركات والتي تتخذ من الكفاءة معياراً لتقييم الموظف، وهذا دليل على كفاءة المواطنين الذين يعملون بتلك الشركات ويستقرون بها. وبين القحطاني أن قطاع الأعمال السعودي يعاني من لوبي أجنبي ضاغط، يختطف مهنا محددة، ويسيطر عليها، وقال: من المؤسف أن يصبح واقع قطاع الأعمال لدينا بهذا الشكل، وأن تسيطر جنسيات محددة على أنشطة أو مهن بعينها، وهذا أمر غير صحي، وطارد للتوطين، ويشكل علة حقيقية في تركيب قطاع الأعمال برمته. وقال القحطاني إن تعثر توظيف السعوديين في القطاع الخاص ليس لأن السعودي أقل كفاءة من غيره، ولكن لأنه أكثر تكلفة كما يراه القائمون على شركات القطاع الخاص. القطاع الخاص يتعامى عن كفاءة السعوديين أحمد القحطاني عبدالله الزهيري