في الوقت الذي تتنامى فيه أعداد السعوديين الجامعيين، وأولئك العائدين من الابتعاث بمؤهلات عليا وفي مجالات مختلفة، شطحت بعض مؤسسات القطاع الخاص شطحة لافتة حينما بادرت بنشر إعلانات في الصحف المحلية تطلب موظفين من ذوي المؤهلات الدنيا من حملة المتوسطة والثانوية. وفيما يرى مراقبون أن ذلك أمر ايجابي يتيح فرص عمل متساوية للمواطنين باختلاف مؤهلاتهم، يخشى آخرون أن ذلك قد يمثل صورة من صور عزوف القطاع الخاص عن التوطين، وأن الطلب المتنامي في الفترة الأخيرة على حملة المتوسطة والثانوية يشير إلى محاولة تلك المؤسسات إلى ممارسة السعودة الوهمية من خلال توظيف هؤلاء الشبان برواتب زهيدة بحكم مؤهلاتهم المتدنية، وبالتالي تحسين سلوك تلك المؤسسات في سجلات وزارة العمل مما يمنحها الحق في الحصول على مزيد من التأشيرات. ويرصد مراقبون لسوق العمل حركة تدوير غير عادية للشباب من ذوي المؤهلات الدنيا بين المؤسسات، وعدم استقرار، مما يوحي بأن بيئة العمل لهذا المستوى من الموظفين السعوديين غير مريحة، وأن معظم توظيف هؤلاء الشبان كان الغرض منه ملء خانات السعودة في سجل تلك المؤسسات في الأوراق الرسمية. يأتي هذا في وقت يتذمر فيه بعض أصحاب المؤسسات المتوسطة والصغرى من عدم استقرار الموظفين السعوديين من ذوي المؤهلات الدنيا، مشتكين من أن زيادة 500ريال لدى مؤسسة أخرى قد تجعل ذلك الشاب يرحل إليها دون سابق إنذار. لكن عبدالله محمد الزهيري – مدير مكتب توظيف أهلي - يرى أن تنامي الطلب على السعوديين من ذوي المؤهلات الدنيا من قبل بعض المؤسسات قد يكون بالفعل بدافع ما يسمى السعودة الوهمية، مبيناً أن عدم استقرار الشبان من حملة المتوسطة والثانوية في المؤسسات بات أمراً ملاحظاً. وأكد الزهيري أن السعوديين الجامعيين هم الأكثر استقراراً في وظائفهم بالقطاع الخاص، مرجعاً ذلك إلى كون الجهات التي تطلب جامعيين هي في الغالب الشركات التي لديها تنظيم إداري، وبيئة عمل جيدة، ولم يغفل الزهيري كون الجامعيين وخاصة من المبتعثين مهيئين إلى العمل أكثر من غيرهم نظراً لطريقة ومستوى التعليم الذي تلقوه. وبين الزهيري أن هناك طلباً كبيراً ومرتفعاً على الشبان من ذوي المؤهلات الدنيا في القطاع الخاص، مما أدى إلى تدوير هؤلاء الموظفين وخروجهم من مؤسسات ودخولهم أخرى بشكل لافت. وبين أن هناك مهنا بالفعل في القطاع الخاص لا تحتاج إلا شبان من حملة الثانوية والدبلوم وربما الكفاءة المتوسطة، وأن هذه الوظائف تعد تتوفر بكثرة في القطاع الخاص. ولم ينف الزهيري أن ضعف الرواتب وبيئة العمل ربما تكون طاردة لذوي المؤهلات الدنيا، وهي السبب وراء عدم استقرارهم في وظائف القطاع الخاص.