عطلة نهاية الأسبوع أصبحت عند بعضنا كالكابوس والهم الثقيل لأننا صنعنا لها قالبا صعبا من الالتزام الاجتماعي الذي لا نستطيع الانفكاك عنه، ولو كنت تنشد الراحة أو الانعزال فلست مخيرا هنا، وحتى لو رأيت أن هذا الالتزام الذي أُقحمت فيه رغم أنفك لا يجر عليك إلا ويلات ومشكلات وتكاليف مالية وضغوطا نفسية فأنت مضطر للمجاملة والدوران في فلك المجتمع حتى لا ترمى بالشذوذ أو الانعزالية أو الانطوائية. لا أحد يشك بأن الحرية هي عصب السعادة الحقيقية وبالتالي نفهم من هنا أن أي التزام اجتماعي يتصادم مع حريتك في اختيار المكان والزمان فهذا يتناقض مع السعادة، وأي التزام توجبه على نفسك أو يوجبه عليك الآخرون ويتناقض مع حاجاتك الفعلية من خلود للنوم أو تناول وجبة هنية تشتهيها أو رغبة في تصفح كتاب اشتريته للتو، أو إقبال روحي على الصلاة أو قراءة القرآن أو خلوة مع النفس والتأمل. إذا كان الإنسان يريد الهرب من روتين العمل ويريد أن يفرج عن نفسه من الانحباس خلف مكتبه أو معمله أو ورشته ويريد أن يستجمع طاقته ليعود إلى عمله بروح متجددة فهذا حق مشروع، ولكن لا يخرج من هم العمل إلى هم الالتزام الاجتماعي الأسبوعي الموسع، فأولاً من جعله التزاما فأوجبه عليك، ثانيا من جعله أسبوعيا، ثالثا من ألزمك بهذا التوسع في العلاقات. أنا أتفهم وجوب اللقاء بالأبوين والإخوة والالتفاف حول الزوج والأبناء، لكن من يلزمنا بهذا التوسع الذي يشمل أبناء العمومة والخؤولة أسبوعيا، ومن يلزمنا بهذا التجمع لزملاء وأصدقاء الاستراحات والذين يفوق عددهم العشرات، ليخرج الإنسان من عمله وهو يفكر كيف يستعد لهذا اللقاء ومتى يذهب للكوافير، وهل عنده ملابس لائقة لم يلبسها أمامهم من قبل، ماذا سيجلب معه؟ وتكاليف أخرى أنتم أعرف بها ليخرج الإنسان من هم العمل إلى هم العزايم واللقاءات والاستراحات والسهرات، وتذهب الأوقات دون التفرغ للأبوين والجلوس معهما في جو رائق بعيدا عن الصخب والتكاليف، وتذهب الأوقات ولم يجلس الزوجان مع بعضهما جلسة أنس وذكريات وبساطة، وتذهب الأوقات هدراً دون التفرغ للسماع من الأبناء والكلام معهم وحل مشكلاتهم ونصحهم وتوجيههم.