لم تعرف الساحة الفنية السعودية حضوراً واضحاً للموسيقى مثل الذي سيكون في الحفلة المنتظرة للموسيقار المصري عمر خيرت والتي ستقام في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية بجدة في الثالث من شهر مارس المقبل، حيث سيحضر الموسيقار الكبير بصحبة فرقة أوركسترا كاملة وسيواجه الجمهور السعودي ليقدم لهم موسيقى خالصة بدون غناء، في بادرة تعد الأولى في تاريخ المملكة. ورغم أن الحفلات الفنية تواجدت في المشهد المحلي منذ أكثر من خمسين سنة في مختلف مناطق المملكة، واحتوت على فقرات متنوعة من فنون الأداء؛ من الاسكتشات الساخرة التي قدمها عبدالعزيز الهزاع وخالد البدنة، إلى الغناء الذي قدمه أغلب نجوم الأغنية السعودية، إلا أنه لم يسبق لأي موسيقار سعودي أن قدم حفلة خاصة بالموسيقى لا يُسمع فيها سوى صوت الآلات، وكانت الإطلالات الموسيقية تحضر بخجل شديد في ثنايا الحفلات الغنائية القديمة كوصلة افتتاحية للحفلة أو تهيئة للجمهور، لكنها لم تحضر بشكل مستقل ونقي وصريح مثلما هي حفلة عمر خيرت في جدة. ويرى متابعون أن نجاح حفلة الموسيقار المصري سيكون بداية اعتراف بالموسيقى كمنتج فني إبداعي يستطيع أن ينهض بنفسه دون الحاجة لحنجرة مطرب، مؤملين في الوقت نفسه أن يتبع هذه الحفلة المزيد من الحفلات المشابهة لموسيقيين سعوديين مبدعين، خاصة أن الساحة المحلية تحفل بالكثير من الأسماء المتخصصة في الموسيقى مثل العازف خالد برزنجي والعازف عادل الزهراني وغيرهما من الفنانين السعوديين الذين حققوا نجاحات عربية كبيرة في السنوات الماضية لكن لم تسنح لهم الفرصة بعد لمواجهة جمهورهم داخل حدود الوطن. وقياساً بحجم التفاعل الذي حصدته حتى الآن حفلة الموسيقار المصري مبدع "ليلة قتل فاطمة" و"رابسودية عربية" فإن المؤشرات تؤكد أن الإطلالة الأولى للموسيقى في المملكة ستدشن صناعة موسيقية سعودية يكون فيها قائد الأوركسترا النجم الأول في الحفلة وليس المطرب كما جرت العادة.