أثار رفض واشنطن لحل الدولتين أو التحفظ عليه واعتباره ليس الحل الوحيد للقضية الفلسطينية، عدة مخاوف على مستقبل السلام المنشود بين الفلسطينيين والإسرائيليين، الأمر الذي يوحي بأن حل الدولتين كان مشروعاً قائماً عطلت استمراره الإدارة الأميركية الجديدة، والحقيقة عكس ذلك تماماً، فحل الدولتين منذ إقراره عام 67 لم يشهد تقدماً واقعياً على الأرض، فقد كان هدفاً تفاوضياً ارتبط بنجاح العملية السلمية بكاملها، وفشل المفاوضات هو من ألغى هذا الحل وليس الاعتبارات الجديدة.. إسرائيل دولة احتلال قادرة على تشكيل الواقع وفقاً لمصالحها السياسية والأمنية، فمطالبتها بالتخلي عن قوتها وسيطرتها لصالح الحقوق الفلسطينية، يعد مطلباً لا يتفق مع طبيعة السياسة التي تسير وفق ما تطلبه منها القوة، هل هذا تسليم مطلق لقوة الاحتلال بفرض ما تريده؟ قبل الرجابة على هذا السؤال، علينا التعرف على طبيعة القوة المسيطرة، ونقصد بالقوة القوة التفاوضية التي تقايض الحقوق بالحقائق، وليس القوة العسكرية والاقتصادية، فإن كانت الحقوق مع الفلسطينيين، فمنهم الفلسطينيون الذين يستطيعون أن يتفاوضوا على حل الدولتين هل هم حركة حماس في غزة أم فتح السلطة الفلسطينية في رام الله، فمن يملك شرعية المقاومة وشرعية التفاوض في الجماعتين الفلسطينيتين؟ فالانقسام الفلسطيني جعل القضية، قضية داخلية فلسطينية حرمها من التمتع بقوة القرارات الدولية، وكذلك أعطى مبرراً قوياً لتل أبيب بأن تستخدم العامل الأمني على حساب العامل السياسي، كما أن هذا الانقسام جعل المفاوض الإسرائيلي يقول لا يوجد شريك حقيقي في التفاوض من أجل السلام، فمهما كان التأييد للحقوق الفلسطينية لا يمكن القفز على التمزق الفلسطيني الفلسطيني أو اعتباره لا يشكل معوقاً للعملية السلمية، فحماس التي دخلت في مواجهة عنيفة مرتين مع المحتل الإسرائيلي لحساب شرعيتها كحركة مقاومة وليس لصالح الفلسطينيين بالكامل، بل إن جزءاً من هذه المواجهة جاء لإحراج السلطة الفلسطينية في فتح كجماعة تهادن المحتل، فهكذا وضع لا يصنع فرصاً حقيقية للتفاوض، وقد استفاد المحتل من هذا الوضع وتوسع في بناء المستوطنات بحجة مواجهة الانقسام الفلسطيني الفلسطيني بإجراءات أمنية واستيطانية، إسرائيل دولة احتلال وعدو حقيقي للحقوق الفلسطينية ولكنه ليس سبباً في حالة الانقسام في البيت الفلسطيني، هل ينجح الفلسطينيون في معالجة فشلهم في بناء إطار واحد للتفاوض، قبل المطالبة بحل الدولتين.