يقول أمير الشعراء أحمد شوقي في إحدى قصائده الرائعة: وطني لو شُغلت بالخلد عنه نازعتني اليه في الخلد نفسي شهد الله لم يغب عن جفوني شخصه ساعة ولم يخل حسي إن حب الوطن فطرة في كيان الإنسان وغريزة في صميم الوجدان. ولا يمكن للإنسان أن ينسى الوطن حتى ولو اغترب. بل إن أكثر من يشعرون بقيمة أوطانهم، ويشتاقون إليها هم الذين تغربوا، أو اضطرتهم الحروب أو الظروف القاسية الى العيش بعيداً عن الوطن. إنهم يعيشون في حالة شوق وحنين، ويتمنون العودة إلى حضن الوطن. والمواطنة شعور داخلي بالانتماء لهذا الوطن يحس به الإنسان، وسلوك يعيشه من خلال تراثه وثقافته ولغته وعاداته... الخ. فالمواطن الحقيقي يشعر دائماً بانتمائه وولائه لوطنه ويتفاعل مع كل ما يرفع من شأن هذا الوطن، ويغضب لكل ما يسيء للوطن. أما السلوك الإيجابي لحب الوطن فهو ارتباط الإنسان بالوطن من خلال خدمته, والقيام بكل ما يؤدي إلى تطوره وتقدمه وازدهاره. ويشمل ذلك أن يكون المواطن مخلصاً في حبه, والدفاع عن وطنه ضد أي اعتداء مادي أو معنوي. أما حقوق المواطن على الوطن من خلال قادته فتشمل توفير الأمن له، وتكافؤ الفرص لجميع من ينتمي لهذا الوطن فهو مفهوم أساسي لتوطيد العلاقة بين الناس والوطن. فالولاء للوطن ليس منافياً للدين في حدود الضوابط الشرعية. وجميع النصوص الشرعية من الكتاب والسنة تؤكد حب الوطن وضرورة الولاء له. إن تقدم الوطن وشموخه يرتكز على مواطنيه بكل أطيافهم. فإذا كان الوطن قوياً, فإن هذا يدل على أن المواطنين يسهمون في قوته وازدهاره. ولا يتم ذلك إلا عندما يتمتع المواطنون بكل ما في الوطن من خيرات وفرص متاحة, في ظل حكومة قوية تسعى لتأمين الحياة الكريمة للوطن والمواطن. الوطن هو رمز الحب والعطاء، وهو الأمن والأمان لصيانة كرامة الإنسان. وما أعظم أن يعيش الإنسان في هذا الوطن الغالي، بلاد الحرمين الشريفين، وقبلة المسلمين. اللهم احفظ وطننا بحفظك، وأبعد عنه كل الفتن وانصر جنودنا وسدد رميهم لإعلاء كلمة الحق.