بدأ لبنان عمليا الدخول في "عصر الانتخابات النيابية" العتيدة في 21 (مايو) المقبل، من دون أن يتمكّن المسؤولون من الاتفاق بعد على قانون جديد غير قانون الستين المعتمد في حين رفض رئيس الجمهورية العماد ميشال عون خوض الانتخابات بالقانون ذاته لأنه وعد بتغييره في خطاب القسم، وقد رفض عون أن تدعو وزارة الداخلية والبلديات الهيئات الناخبة قبل 21 (فبراير) الجاري قائلا في إحدى جلسات مجلس الوزراء أنه يفضل الفراغ الرئاسي على إجراء انتخابات بنفس القانون أو التمديد للمجلس الحالي الذي طالما شكك رئيس الجمهورية بشرعيته وخصوصا أنه مدّد لنفسه مرتين اثنتين. ويدور النقاش حاليا على تفصيل الدوائر الانتخابية بين ما هو خاضع للاقتراع الأكثري أو للاقترع النسبي أو يكون القانون مختلطا بين الاثنين في حين يروّج "حزب الله" للنسبية الكاملة وأن يكون لبنان دائرة انتخابية واحدة. واقترح وزير الخارجية جبران باسيل الذي يقوم "بطبخة" القانون مع القوات اللبنانية وتيار المستقبل قانونا مختلطا لكنه لم يتمكن من تسويقه. وثمة أفكار عدّة تطرح منها على سبيل المثال الحديث عن التأهيل بالأكثري على مستوى القضاء ثم الانتقال إلى النسبية على مستوى الدائرة الأوسع. ولغاية اليوم تعثّر الاتفاق على قانون جديد. ويبدو القانون المختلط هو الأوفر حظا لغاية اليوم وفي حين يغيب الحديث عن الإصلاحات المنشودة يتركز حول النظام الانتخابي وتقسيم الدوائر. ويشير أحد الخبراء الانتخابيين إلى أن ما يسعى إليه السياسيون هو قانون مفصل على قياسهم. أما الأهداف غير المعلنة لهذا الخلاف فهي بحسب الخبراء: فكّ ارتهان المقاعد المسيحية من تصويت الدوائر ذي الكثافة المسلمة، تقزيم نفوذ وليد جنبلاط على المقاعد المسيحية وهي خمسة، وإخراج بعض المقاعد من نفوذ تيار المستقبل وخصوصا في المحافظات المختلطة علما بأن للتيار اليوم 38 نائبا في البرلمان. في هذا الوقت تتركّز أسئلة الدبلوماسيين الغربيين العاملين في لبنان حول الانتخابات النيابية وعمّا إذا كانت ستجرى في موعدها الدستوري وعمّا إذا كان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مستعدّا فعلا لإحداث فراغ تشريعي في حال لم يتوصل الأفرقاء السياسيون إلى تهيئة قانون جديد للانتخابات، وتبدو حركة السفراء متركزة في الآونة الأخيرة في وزارة الداخلية والبلديات، حيث استقبل الوزير نهاد المشنوق لغاية اليوم سفراء بريطانيا هوغو شورتر وإسبانيا ميلاغروس هيرناندو وأميركا إليزابيت ريتشارد، وتلقى منهم رسالة واحدة مفادها بأن إجراء الانتخابات النيابية في موعدها يثبت الاستقرار السياسي في لبنان، وأن المجتمع الدولي يتطلّع إلى ضرورة إجرائها في موعدها. وفي حين يؤكد المشنوق لزواره أن الاستعدادات الإدارية واللوجستية التي تقوم بها الوزارة جارية، متعهدا الالتزام بإجراء الانتخابات النيابية "التي تشكل إحدى ركائز تثبيت النظام اللبناني" بحسب تعبيره، فإن الوزارة تبدو فعليا كخلية نحل، وكأن القانون الانتخابي قد أقرّ وكأن إجراء الإنتخابات النيابية سيحل في الموعد المحدّد، علما بأن الوزير المشنوق يشكك في أحاديثه بأن يتوصل الأفرقاء اللبنانيون إلى إقرار قانون جديد وردد أنه بالنسبة إلى وزارة الداخلية فهي ملزمة بالقانون وبأن تجري الانتخابات في موعدها في 21 (مايو) المقبل بالقانون النافذ أي قانون الستين. وقال بأنه إذا تم التوصل قبل هذا التاريخ إلى إقرار قانون جديد عندها يتم تحديد موعد جديد للانتخابات النيابية أي أن التأجيل يكون تقنيا فحسب لبضعة أشهر.