في مقابلة تلفزيونية للدكتور الراحل غازي القصيبي عندما كان وزيراً للعمل، سأله مقدم برنامج إضاءات الزميل تركي الدخيل عن التأشيرات وكيفية منحها لمستحقيها؟ اجابه الدكتور باسترسال، فقاطعه الدخيل سائلاً عن جزئية أخرى، مما جعل الدكتور يقول له بأنه سيأتي لهذه الجزئية في حينها بعد أن ينهي حديثه عن الجزئية الأولى. وأضاف "عندما تسألني سؤالاً فلا تسأل مالم تُرِد أن تسمع الإجابة". اعتذر تركي عن المقاطعة ونقل الحديث إلى جزئية أخرى تتعلق بالألم الذي يسببه منع التأشيرات لطالبيها، أجابه الدكتور بالنص التالي "أنت تسألني عن الألم! دعني أكمل ولو أن فيه ألماً لك أن تستمع" واسترسل الدكتور في حديثه قائلاً: "أنتم يا مقدمي البرامج تحبون التحدث أكثر من أن تستمعوا وهذه قضية أخرى" موضوع هذا المقال سيكون عن الجملة الأخيرة التي ذكرها الدكتور غازي عندما أشار إلى أن مقدمي البرامج يحبون الحديث اكثر من الاستماع! ولو قسنا كلامه على البرامج التلفزيونية والاذاعية في وقتنا الحاضر وتحديداً البرامج الرياضية لأدركنا انه كان محقاً في كل كلمة قالها. فأغلب مقدمي البرامج اصبحوا يسيطرون على اجزاء كبيرة من أوقات برامجهم، مستأثرين بالحديث أكثر من الضيوف بل ان بعضهم تجاوز ذلك ليصل لمرحلة السيطرة على كل شيء في البرنامج، حتى أن إجابات الضيوف يُقضى عليها في مهدها بسؤال آخر تُستجلب عن طريقه اجابة محددة كي تتوافق مع رغبة المقدم..! وللإنصاف يواجه مقدمو البرامج منافسة شرسة من بعض الضيوف للسيطرة على الحديث، خصوصاً في البرامج الحوارية ذات الطابع الجماعي الذي ترتفع فيه الأصوات ويختلط الحابل بالنابل، حتى يتدخل المخرج بفاصل يتبعه ديباجة مكررة للمقدم يستفرد من خلالها عضلات لسانه وكأني به يقول انتصرت!! مشكلة مقدمي البرامج لم تتوقف عند هذا الحد بل اصبح بعضهم يسأل السؤال ويجيب في الوقت ذاته مع اعطاء رأي تفصيلي في أغلب القضايا تاركين للضيف مهمة المصادقة على هذا الرأي!!