يبدو أن النظام الإيراني لم يستغرق الكثير من الوقت لإرسال أول إشارة اختبار للرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب، فانتقل بسرعة من مرحلة التصريحات والتصريحات المضادة إلى مرحلة استعراض القوة. تجربة إطلاق صاروخ باليستي متوسط المدى بعد أيام من وضع المواطنين الإيرانيين على قائمة المنع من دخول الأراضي الأميركية تحمل أكثر من دلالة، فإيران تختبر مع الصاروخ جدية الإدارة الأميركية الجديدة، وحزمها في تنفيذ سياساتها في المنطقة، وهي السياسة التي أطرتها خطابات ترامب في حملته الانتخابية للوصول إلى البيت الأبيض. ومع هذا التسارع في الأحداث تسعى طهران إلى البقاء في وضع الهجوم دوماً للخروج بأكبر قدر ممكن من المكتسبات في تفاوض غير مستبعد في دهاليز السياسة وعوالمها المتغيرة، وفي أسوأ الأحوال عدم خسارة أي مكتسبات حققتها إيران خلال فترة الضباب في السياسة الأميركية خلال الأعوام القليلة الماضية. المعادلات المستحيلة الحل لعبة إيرانية منذ أن أبتلي العالم بوداع أي أمل في السلام يمكن أن يصدر من الساحل الشرقي للخليج العربي في العام 1979، ففي وقت تكثف طهران من دعايتها المضللة للظهور بمظهر الدولة الراغبة في إرساء السلام في المنطقة تتواتر الأنباء ومن نفس العاصمة عن زيادة ميزانية الحرس الثوري، والذي يمثل رمزاً لآلة نشر الخراب في المنطقة بنسبة 53% مقارنة بالعام الماضي لتصل إلى 6.9 مليارات دولار، وهو إعلان لا يمكن قراءته إلا أنه إيذان بتوسيع مهام الشر لآلة الإرهاب الإيرانية في المنطقة. وبطبيعة الحال، فإن هذه القراءة لم تصدر من فراغ فإيران تنفرد ومعها إسرائيل في خاصية واحدة لا تنازعهما فيها أي دولة شرق أوسطية، وهي أنهما الدولتان اللتان لا يلوح في المستقبل القريب ولا في الأفق البعيد أي تهديد يمكن أن تواجهانه من أي طرف خارجي، وليستا بطبيعة الحال هدفاً لإرهاب القاعدة أو موجودتان على خارطة داعش، فلذلك يعتبر من هزل القول بأن هناك ثورة مهددة يجب أن تحرس كما في النموذج الإيراني، أو تصديق أن جيش احتلال يمكن تسميته ب(جيش الدفاع) كما في النموذج الإسرائيلي.