ارتفاع أسعار النفط إلى 76.04 دولارات للبرميل    الدرعية.. صانعة السلام العالمي    ما أسهل «الوصل».. وما أصعب «الهلال»    تأهيل 30 متدرباً ومتدربة في إعلام الذكاء الاصطناعي    اتفاق أمريكي - روسي على تعزيز العلاقات الثنائية    يا صقور.. «النقاط لا تروح»    التعاون أمام عقبة «الوكرة»    مواليد 2030 يُعمرّون حتى 100 عام    أمير جازان يستقبل الفريق الاستشاري بمعهد الادارة العامة    أمير جازان يدشّن المرحلة الأولى من حملة التطعيم ضد شلل الأطفال    معرض جازان للكتاب ٢٠٢٥.. العرس الثقافي الكبير في حضرة الأمير    أدبي جازان يدعو إلى حضور فعاليات يوم التأسيس    "العتودي" وكيلًا لمحافظة بيش    نهاية الفصل الدراسي الثاني غداً.. والإجازة 9 أيام    بتوجيه من سمو ولي العهد.. استضافة محادثات بين روسيا وأمريكا.. مملكة الأمن والسلام العالمي    هنأت رئيس جمهورية جامبيا بذكرى استقلال بلاده.. القيادة تهنئ ملك الأردن بنجاح العملية الجراحية    استعرض معهما العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وتطويرها.. ولي العهد يبحث مع وزيري خارجية روسيا وأمريكا المستجدات الإقليمية والدولية    ( 3-1) السعودية محط أنظار العالم    القمة العربية الطارئة 4 مارس المقبل.. السيسي يبحث خطة إعمار غزة    نقل تحيات القيادة الرشيدة للمشاركين في المؤتمر العالمي لسلامة الطرق.. وزير الداخلية: السعودية حريصة على تحسين السلامة المرورية بتدابير متقدمة    وزير الداخلية: إدارة الحركة المرورية بالذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء لتقليل الحوادث في السعودية    «البعوض» يساهم في فك لغز جرائم السرقة    دخول آليات وبيوت المتنقلة عبر رفح.. جولة جديدة لتبادل الأسرى بين الاحتلال وحماس    دعت الشرع ولجنة الحوار لزيارة شمال شرق البلاد.. «قسد» تتعهد بالاندماج في الجيش السوري    مهرجان البحر الأحمر يكشف عن مواعيد دورته الخامسة    ميزة الكتب عن غيرها    زوجة نجم تركي شهير تهدد أسرته بالحرق    "فضيلة مفوض الإفتاء بمنطقة حائل": يلقي محاضرة بعنوان"أثر القرآن الكريم في تحقيق الأمن والإيمان"    تعليمات هامة لمنسوبي المساجد خلال شهر رمضان    ولي العهد ورئيس صندوق الاستثمارات الروسي يستعرضان مجالات التنسيق الثنائية بين البلدين    الموارد البشرية: بدء سريان تعديلات نظام العمل اليوم    سماعات الرأس تزيد الاضطرابات العصبية    أمير المدينة يتفقد مستشفى الحرس.. ويلتقي أهالي المهد    «إغاثي الملك سلمان» سلامةٌ وغذاءٌ في أربع دول    «قصر الدرعية» رمز تاريخي وشاهد سلام عالمي    الإمارة و«ملكية الرياض» تنظمان فعالية يوم التأسيس    «ملكية العُلا» تطلق أول أكاديمية للتعلم مدى الحياة    أمير الشرقية يكرم الفائزات بجائزة الأم المثالية    مدير الجوازات يتفقد العمل بالقصيم    الملك يرعى مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية"    سعود بن خالد الفيصل كفاءة القيادة وقامة الاخلاق    أمير الرياض يتسلم تقرير جامعة المجمعة.. ويُعزي السليم    اقتصادات النمور تفقد زئيرها    طبية الملك سعود تختتم «المؤتمر الدولي السابع للأورام»    محافظ محايل يتفقد مشروع مستشفى الحياة الوطني بالمحافظة    في افتتاح كأس نخبة الطائرة للسيدات .. النصر يتغلّب على الفيحاء    ما أشد أنواع الألم البشري قسوة ؟    توقيع اتفاقية إنشاء مشروع Nexus الغدير التجاري الفندقي المكتبي بقيمة تتجاوز المليار ريال في معرض ريستاتكس 2025    قطار تنمية الرياض !    ميلان يودع «أبطال أوروبا» بعد التعادل مع فينورد في الملحق المؤهل لدور ال16    الاتفاق يتعادل إيجابياً مع القادسية الكويتي في أبطال الخليج    المملكة تجدد دعوتها لإصلاح مجلس الأمن ليكون أكثر عدالةً في تمثيل الواقع الحالي    (ساهر).. مُقترحات نحو تطبيقٍ أفضل    المحادثات الروسية - الأمريكية.. والحليف السعودي للسلام والتنمية    ما هكذا يورد الطيران يا توني!    نائب أمير منطقة مكة يطلع على جاهزية الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن برمضان    تحت رعاية خادم الحرمين.. رابطة العالم الإسلامي تنظم النسخة الثانية لمؤتمر «بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية» في مكة    أمير المدينة يلتقي بقائد القوات الخاصة للأمن والحماية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عدالة الأحكام بين الشريعة والفقه
نشر في الرياض يوم 28 - 01 - 2017

إن من أعظم النعم علينا في المملكة بفضل الله، أن مصدر الحكم والتحاكم والفتوى لدينا هو الكتاب والسنة، اللذان هما (الشريعة)، ولم يقيّد النظام الأساسي للحكم ولا نظام القضاء، القضاةَ أو المفتين بمذهب ٍمعين..
من المعلوم بداهةً لكل متخصص الفارق الواضح بين مصطلحي (الشريعة) و(الفقه)؛ فالشريعة هي الأحكام الشرعية المنزلة من عند الله عز وجل، المأخوذة من آيات القرآن الكريم وأحاديث سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم؛ أما الفقه فإنه اجتهادات الفقهاء -رحمهم الله- وآراؤهم في استنباط هذه الأحكام من أدلة الكتاب والسنة.
وعلى ذلك فإن الشريعة المنزلة من عند الله عز وجل، معصومةٌ كاملةٌ لا يدخلها نقص ٌولا عيب، وهي التي قال الله عنها (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً). أما اجتهادات الفقه وأقوال الفقهاء فهي التي قيل عنها (كلٌ يؤخذ من قوله ويردّ).
وإن من أعظم النعم علينا في المملكة بفضل الله، أن مصدر الحكم والتحاكم والفتوى لدينا هو الكتاب والسنة، اللذان هما (الشريعة)، ولم يقيّد النظام الأساسي للحكم ولا نظام القضاء، القضاةَ أو المفتين بمذهب ٍمعين، بل جعل استخلاص الحكم الشرعي خاضعاً لما يؤدي إليه الاجتهاد والتحري عن الحق بين أقوال الفقهاء واجتهاداتهم التي تعتبر إرثاً عظيماً، وكنزاً ضخماً تركه لنا فقهاء الإسلام.
وتبعاً لذلك جاء حرص ولاة الأمر -أيدهم الله- على تنويع مدارس الفقه والاجتهاد الفقهي داخل هيئة كبار العلماء، لتحضر الاجتهادات والمدارس المتنوعة في البحث الفقهي، فيكون أعدل لما يصدر عنها من فتاوى، لتكون الفتوى أقرب إلى الحق.
وفي عصرنا الحالي ينبغي أن يكون حاضراً في ذهن كل من يمثّل الشريعة من قضاة ومفتين، أنه يقع على عاتقهم مسؤولية كبرى خطيرة، تتمثل في تقديم الإسلام إلى العالم في صورته النقية الناصعة، وإبراز عدالته وعظمته وشموله، والحذر كل الحذر أن يوصم الإسلام بالقصور أو العيب بسبب بعض الاجتهادات غير الموفقة، التي يشوبها القصور عن إدراك الواقع على حقيقته، وفهم مقاصد الشريعة، ومبادئها العامة.
وفي ميدان القضاء تكون المسألة أخطر، والمسؤولية أعظم وأثقل، لأن حكم القاضي ملزمٌ للمحكوم عليهم، بخلاف المفتي الذي يفتي ولا يُلزم. كما أن المفتي يمكنه أن يعتذر عن الفتوى، أو إن شاء يأخذ الوقت الكافي في البحث والدراسة قبل إصدارها؛ أما القاضي فهو ممنوعٌ نظاماً أن يمتنع عن الحكم في قضية ٍمعروضةٍ عليه، كما أنه محكومٌ بوقتٍ قصيرٍ تتزاحم فيه مئات القضايا، وإن تأخر في إنجازها حوسب ونوقش؛ وهاهنا تكمن خطورة المسألة، وتعظم الحاجة إلى مضاعفة الاجتهاد في الخروج من هذا المأزق الخطير دون أن يحدث أي إخفاقٍ أو نقصٍ قد تطير به الأخبار منسوباً إلى الإسلام وشريعته، لا إلى اجتهاد القاضي وفهمه.
والقاضي وهو يبحث المسألة المعروضة عليه، ويجتهد في معرفة الحكم الشرعي فيها، يجب أن يستحضر دوماً ضرورة أن يفهم الواقعة محل النزاع فهماً سليماً، وأن يتحرى في بحثه بين أقوال الفقهاء أقرب هذه الأقوال للعدل، وأكثرها توافقاً مع مقاصد الشريعة ومبادئها السامية العظيمة، وألا يقع القاضي فريسة البحث الفقهي الجاف بين الأقوال المنقولة عن الفقهاء دون أن يستشعر هذا المعنى العظيم، فيكون فرحه بنصٍ فقهيٍ يجده في المسألة لأحد الفقهاء، أكثر من فرحه بإدراك المعنى الشرعي الذي يستنبط من عموم نصوص الشريعة من الكتاب والسنة.
ثم إنه مهما كانت نتيجة اجتهاد القاضي أو المفتي في حكمهما، فلا يجوز أبداً أن يعتقد أحدهما أو غيرهما أن هذا الحكم (بشكل قطعي) هو حكم الله عز وجل؛ إنما يبقى اجتهاد مفتٍ أو قاضٍ، إن وافق الحق ومراد الله عز وجل، فالحمد لله، وإن خالفه بعد الجهد والاجتهاد، فلعل الله يغفره؛ ويشهد لذلك الحديث الصحيح الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم: (فلا تنزلهم على حكم الله؛ ولكن أنزلهم على حكمك، فإنك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا).
والحمد لله أولاً وآخرا.
*محام وقاض سابق بديوان المظالم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.