* لم أنس ذلك الموقف الذي خيّب آمالي، عندما تخرجت من الجامعة - قسم الإعلام - وانطلقت باحثًا عن فرصة عمل تليق بمؤهلي كغيري من الشباب الطموحين، وتوجهت حينها إلى إحدى الشركات المحلية بعد قراءة إعلاناتهم الوظيفية، وعند مقابلتي لمدير العلاقات العامة والإعلام قال لي: " أنا أشوف الإعلام ما يحتاج دراسة ضيعت عمرك فيه" وعند سؤالي عن تخصصه أجاب : دبلوم لغة إنجليزية!. ما دعاني إلى إعادة تلك الذكرى، هو التأمل بواقع المهنية الإعلامية وأهميتها، وكذلك الوصف الذي أطلقه معالي وزير التعليم الدكتور أحمد العيسى على مدّعي المهنية الإعلامية، وأجاد معاليه بوصفه عندما قال: "الإعلاميين غير المحترفين دخلوا مجال الإعلام ولديهم شيء من التسرع والإثارة". قبل أن نتطرق لموضوع الإعلاميين غير المحترفين علينا أن ندرك أن هناك مشكلة تفاقمت منذ سنوات طويلة وتسببت في ظهور الدخلاء على الإعلام الإيجابي أو الإعلام الهادف، وهذه المشكلة تتمثل في عدم حصر مهنة الإعلام على خريجي الإعلام وعدم ربط احتياج تخصص الإعلام بسوق العمل، بالاضافة الى تُخرّج مئات الدفعات من الأقسام المتخصصة في الإعلام ذكورًا وإناثاً ليُصدمون بالواقع المرير واستحواذ غير المحترفين على فرصهم التي هم أولى بها. من المعلوم أن الإعلام عِلم له مكانته، ويُدرس في أرقى الجامعات العالمية حتى مرحلة الدكتوراه، ولكل مهنة متخصص بها فالطبيب يُعالج المرضى، والمعلم يُعلم طلابه، وغيرها من المهن التي لا يقوم بها إلا المتخصصين، فمتى يكون لمهنة الإعلام احترام وضوابط تحد من العشوائية في إمتهانها وتكون حصرًا على الكوادر المؤهلة أكاديميًا؟ إن مأساة خريجي الإعلام تتفاقم. فقد عانوا بما فيه الكفاية وتوجهوا بعد يأسهم إلى العمل بتخصصات تختلف بطبيعتها عن المهنة الأساسية، وهذا التوجه لم يأت الا بعد طول انتظار وبحث عن فرصة تخصصية مناسبة استحوذ عليها من يعتبر الإعلام "طولة لسان" أو "وسيلة للمصالح الشخصية " بينما الإعلام في حقيقته رسالة هادفة وصادقة يحملها من هو مؤهل لحملها وتقديمها بشكل يعالج القضايا ويساهم في نهوض المجتمع. وسوف تكون النتائج مبهرة عندما يمارس الإعلام من درس وثابر وكافح من أجل أن يصبح إعلامي متخصص.. حينها يظهر لنا "إعلاميون محترفون دخلوا مجال الإعلام ولديهم شيء من العلم والمهنية". * باحث إعلامي.