قال سبحانه وتعالى: "وكذلك جعلناكم أمة وَسَطًا". باعتبار المملكة العربية السعودية دولة إسلامية، غالبية سكانها من المسلمين؛ يفترض أننا نميل للوسطية التي على الرغم من أننا ننادي بها على كل منبر إلا أننا مجتمع يغلب عليه التطرّف والتشدد، والذنب ليس حصرًا على فئة دون أخرى. فعلى سبيل المثال وليس الحصر نجد المتدينين - الذين من المفترض بهم أن يكونوا قدوة - متشبثين بآرائهم ويواجهون مخالفيهم بالنبذ والرد. ناهيك عن الليبراليين على الجانب الآخر الذين يجدون المتدينين من ألد الخصام، فهم على حد قولهم أصحاب رأيي السديد وما سواهم خاطئ علمًا بأنهم يزعمون أنهم عكس ذلك. حتى موجة النسوية الجديدة التي لم تخل من النسويات المتطرفات اللاتي يجدن الذكور هم الأعداء، ويبحثن وراءهم عن كبش فداء يحملونه ما يواجهنه من عناء. ومن هذا المنطلق تولدت لدي تساؤلات عن الأسباب الداعية للتناقض في الآراء والمبادئ! هل السبب خلفها هو الشعور بالتهديد من الآخر؟ هل هي أنانية الأنا التي تعمينا عن اتخاذ الآراء السليمة وتقبل الآخر؟ أنسينا مبادئ ديننا الحنيف الذي نص في القرآن الكريم "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي"؟ هل هي النفس اللوامة التي تلومنا على عدم التصدي للآخر؟ هل هي النفس الأمارة بالسوء التي تأمرنا بالتصرف دون احتراز أو تصرف؟ أين هي نفسنا المطمئنة؟ لماذا نشعر بالتهديد من كل معارض ويندر وجود رأي محايد؟ هل ما يحدث وليد عقود من الكبت؟ أم هي حرية ضائعة نبحث عنها بين ركام معتقدات وعادات بالية نعاني منها منذ قرون ماضية؟ في محاولتي للبحث عن الحقيقة والأسباب لفتت نظري نظرية هيغنز عن الذات التي قسمها إلى 3 أنواع: الذات الواقعية التي تمثل تصورات الفرد نحو ذاته الآن، والذات المثالية التي تمثل ما يتمناه الشخص لنفسه أو ما يطمح إليه، والذات الواجبة التي تمثل ما يجب أن يكون عليه الشخص. فجميع هذه الذوات قد تكون فطرية وهي ما دعت إلى توفر تلك التناقضات في شتى أمور الحياة من الأفكار إلى المعتقدات والتوجهات. خلاصة القول بأن كل التعميمات خطيرة بما في ذلك هذا التعميم ذاته، والتناقضات موجودة في كل مجتمع وهي فطرة بشرية، حتى يأتي زمان يصبح فيه المسلم مؤمنا ويمسي كافرا، عافانا الله وإياكم وثبتنا بقوله الثابت.