الأمير أحمد بن خالد بن عبدالله بن فهد الفيصل يقول سبحانه "كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَام". هكذا قدر الله وحكمته أن لكل شيء نهاية ولكل أجل كتاب، ولكل بداية لابد من ختام، يسير الإنسان في هذه الدنيا وفق ما كتبه الله له ثم ينتهي به الأمر إلى الموت، وتعاملنا نحن المسلمين مع هذا القدر هو الإيمان والتسليم وعدم السخط. يتقلب الإنسان في هذه الدنيا بين فترات السعادة والحزن وبينهما أمور رمادية لا يدري على أي منهما يحسبه، ومن أبرز الفترات الحزينة التي قد يمر بها الإنسان هي فقد الأعزاء والأحباب. في ظرف سنوات قليلة فجعت بفقدي عزيزين غاليين هما جدي لوالدتي الشيخ عليان العمر العليان ووالدي الأمير عبدالله بن فهد الفيصل -رحمهما الله جميعا-. بموتهما ودعنا رجلين من الرجال الذين شرفهما الله بخدمة بلادنا العزيزة، فجدي عليان العمر العليان -رحمه الله- كان وكيلا لإمارة منطقة نجران خدم أهلها بكل أمانة وإخلاص واستقر بعد تقاعده من عمله في منطقة نجران حتى وفاته بعد صراع مع المرض، كان -رحمه الله- يعطف على الكبير والصغير ينفق من يمينه مالا تعلم شماله، عشت قرابة ثلاث سنوات برفقته في نجران، لم أرَ منه إلا طيبة قلبه وابتسامته التي لا تفارق محياه، كان يشاركنا الأفراح ويستبشر بنا، وكان دائماً يحثنا على الصلاة في وقتها وصلة الرحم وعندما يأتي رمضان يذهب للجامع ولا يعود إلا بعد صلاة التراويح، وكان يختم القرآن كل ثلاثة أيام، عندما توفي -رحمه الله- فوجئنا بأن لديه أكثر من 25 مسجدا وجامعا موزعة على مناطق المملكة، لقد ذهب -رحمه الله- وترك خلفه سيرة عطرة والناس شهود الله في أرضه. ولم تكد دموع الحزن تجف على رحيل جدي العليان حتى جاءنا خبر وفاة الوالد الحبيب عبدالله بن فهد الفيصل -رحمه الله- وهو أحد الرجال الذين خدموا بلادنا بكل أمانة وإخلاص عندما كان نائباً لأمين مدينة الرياض عندما كان والده جدي فهد الفيصل -رحمه الله- أمين مدينة الرياض. الذكريات العطرة لا تفارق مخيلتي إذ كنا نجتمع به يوميا في قصره العامر في مدينة الرياض وكنت أسعى جاهدا لملازمته، كان -رحمه الله- طيب القلب كان أباً للفقراء والمساكين، كان ملازما لمسجده حتى وهو في أشد مرضه. نزل علي خبر وفاته كالصاعقة، فقبل وفاته بثلاثة أيام زرته في المستشفى وكانت حالته الصحية شبه مستقرة، وأستأذنته بأن يسمح لي بالسفر لمرافقة والدتي في رحلة علاجية في ألمانيا فقال لي استودعتك الله الذي لا تضيع ودائعه وأسأل الله أن يرزقك برها. لقد رحلا وخلفا وراءهما السمعة الطيبة والأخلاق العالية. اللهم اجزهما خير الجزاء على ما قدماه، واجعل الفردوس دار قرارهما. اللهم كما جمعتنا بهما في الدنيا اجمعنا بهما في جناتك جنات النعيم على سرر متقابلين. وأخيرا وليسا آخراً لا نقول إلا ما يرضي ربنا تبارك وتعالى: "وبشر الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ".