مؤلفات النشمي حققت نسب متابعة عالية تمثل الروائية أثير النشمي حالة خاصة في الرواية السعودية، فإصدارتها الروائية على المستوى المحلي تعتبر الأكثر مبيعاً، كما أن مواقع التواصل الاجتماعية والمواقع المتخصصة في القراءة تكشف حجم المقروئية لروايتها، لكن المفارقة أن هذه التجربة الروائية التي حققت وجوداً حقيقياً في ذاكرة القارئ خارج اهتمام الناقد السعودي. وفي هذا الحوار نستعرض مع الرواية أثير النشمي تفاصيل تجربتها: * في كل رواية من رواياتك الخمس نجد أن الحب هو المحور الرئيسي وهو رافعة النص. هذا الانجذاب للجانب العاطفي ألا يشعرك بالخوف من مأزق التكرار والتشابه؟ * لا أرى أن الحب هو الأساس الذي تقوم عليه رواياتي خاصة الأخيرتين، حيث قامت ذات الفقد على الفقد واليتم وقامت عتمة الذاكرة على عقدة الطفولة. أحاول أن أبتعد عن التكرار قدر الإمكان، وأستغرب كثيراً أن القرّاء يطالبونني بعكس ذلك. * هناك من يرى إنك تكرسين في رواياتك نموذج الأنثى الضعيفة والمستلبة. هل لأن هذا النموذج المتكرر يعد نموذجاً خصباً للكتابة السردية أم هي حالة تعبر عن النضال النسوي؟ * شخصياً لا أرى بأن رواياتي تقوم على هذا النموذج. قد أكون تطرقت لهذا النموذج في ثلاث روايات، كانت شخوصها واقعية وانعكاس حقيقي لأحد النماذج النمطية للمرأة العربية، في "ديسمبر تنتهي كل الأحلام" وفي "عتمة الذاكرة" تطرقت للمرأة النقيض تماماً، المرأة القوية، المستقلة، الحادة أحياناً والمُتحكمة في علاقاتها بشكل كبير. لذا أرفض تأطير شخوصي في نموذج الأنثى الضعيفة. * في روايتك الأولى عبّرتِ عن انحيازك للمدرسة المستغانمية، واعتبرتِ نفسك تلميذة للروائية أحلام مستغانمي.. بعد هذا المشوار السردي، هل مازلتِ على تلك القناعة أم أصبح للروائية أثير النشمي أسلوب سرديّ مستقلّ؟ * مازلت أُحبّ أحلام مستغانمي كثيراً، لكنني وبطبيعة الحال وبفعل التجربة أصبحت لا أُشبه إلا نفسي ولي ملامحي وتفاصيلي وأسلوبي الخاص الذي أظن بأنه يختلف وبشكل كبير عن أسلوب أحلام أو غيرها. * لك تجربة في الكتابة على لسان الرجل. كيف وجدتِ هذه التجربة وما هي الصعوبات التي واجهتك في تقمص شخصية الرجل أثناء الكتابة؟ * الحقيقة، أنّ أجمل تجاربي في الكتابة هي تجاربي التي تُسرد على ألسن شخوصي من الرجال. إنها التجارب الأكثر متعة، الأسهل في الكتابة، الأكثر حُرية خلال السرد. لم أواجه أية صعوبات في تقمص شخصية الرجل أثناء الكتابة، ربما لأنني أقرأ في سيكولوجية الرجُل كثيراً. * في المقابل لماذا في اعتقادك يتجنب الروائي السعودي الكتابة على لسان المرأة؟ * مثلما تمنحني الكتابة على لسان رجل الحُرية أجزم أن كتابة الرجل بلسان امرأة تُقيده بشكل من الأشكال، كما أن الرجل في مجتمعاتنا بشكل خاص غير قادر على أن يستشعر دواخل المرأة وأفكارها واحتياجاتها ومواقفها، وهذا في رأيي سبب من أسباب معاناة المرأة في مجتمعاتنا. * في الرواية الأولى كان رهانك، في جذب القراء، قائماً على اللغة ومن ثم على حكاية الحب والسؤال الآن: ما هو الرهان الذي اعتمدت عليه في الروايات الأخرى؟ * أعتقد بأن رهاني دائماً وأبداً سيكون هو "الإنسان الذي يُشبهنا". * هذا الرهان وجداني الملامح.. لكن ما قصدته الرهان على مستوى تكنيك السرد؟ * أظن بأنني سأتكئ دائماً على اللغة، في عصر كهذا لابد أن تكون اللغة قضية أكثر من كونها مُجرد تكنيك سردي. * لماذا لا يزال نموذج كل من جمانة وعزيز هو أبرز نماذجك العاطفية؟ * أرى أنه من الطبيعي أن يكون نموذج جمانة وعزيز هو الأبرز في تجربتي فغالباً ما تكون التجربة الأولى لأي كاتب هي الأبرز ويسعدني أن حظوظ الرواية ما زالت قوية رغم صدورها قبل ثماني سنوات. * من خلال رصدي لردود أفعال القراء في مواقع التواصل وجدت عدم رضا عن الروايات الأخيرة. كيف تقرئين ردود الأفعال هذه؟ * هو أمر متوقع بالنسبةِ لي، لذا أقرأها برضا كبير. أنا فخورة بأنني كُنت شجاعة بما يكفي لأن أكتب ما أُريد كتابته لا ما يُريدني القارئ أن أكتبه. بإمكاني قطعاً أن أكتب ما يُطالبني القراء بالكتابة عنه دائماً وهي الكتابة الأسهل بالنسبة لي، لكنني لم أعد أرغب بالخوض في تفاصيل "عقدة" أو "مأزق" واحد. أعي تماماً بأن هذه العقدة أو بأن هذا المأزق هو مورفين القراء العرب، لكنني أرى لهذا المأزق أوجهاً أُخرى من المُمكن أن تُحاك بشكل أعمق، كما أعي بأن خروجي من عباءة معينة قد أغضب بعض القراء، لكنني على يقين من أنهم سيقرؤونها ذات يوم بأعين مُختلفة ومن زوايا أُخرى، مثلما يحدث الآن مع رواية "في ديسمبر تنتهي كل الأحلام" التي هوجمت عليها كثيراً حال صدورها والتي أراها الآن هي الأنجح عربياً من بين إصداراتي. * بعد نجاحك الكبير في الرواية الأولى هل وجدت أن هذا النجاح كان دافعاً للإبداع أم أنه شكّل ضغطاً نفسياً عليك؟ وهل تؤمنين بسطوة الجمهور على المبدع بحيث يريده في قالب محدد من الكتابة؟ * طبعاً أؤمن بهذا. أؤمن بأن للقراء سطوة على الكاتب وبأن لهم تأثير على ما قد يكتبه. بالنسبة لي لم يُشكل الأمر ضغطاً نفسياً، لأنني عادة لا أُتابع أصداء أعمالي. تصلني الأراء المُباشرة فقط ممن قد التقيهم أو من الرسائل الخاصة التي قد تصلني، لكنني لا أبحث خلف تلك الأصداء لا سلباً ولا إيجاباً. قد يرى البعض بأن هذا عيب كبير، لكنني اخترت أن أكتب بهذه الطريقة وبمعزل عن الأراء لإيماني بأن الكاتب يتأثر بالأراء بشكل كبير وهذا ما يجعل الكثير من الكتاب يتشابهون في أسلوب وموضوعات الكتابة. * كيف تنظرين إلى الرواية السعودية بشكل عام؟ وما هي أبرز الروايات التي لفتت انتباهك في السنوات الأخيرة؟ * الرواية السعودية في مرحلة جيدة. ليست الأفضل لكنها جيدة. لسنا في زمن تركي الحمد وغازي القصيبي، لكن إنتاجنا بات أفضل مما كان عليه قبل أربع أو خمس سنوات. أبرز الروايات السعودية التي قرأتها خلال العام كانت "صدفة ليل" و"موت صغير".