يحرص طالبو العمل على تضمين سيرهم الذاتية كل مواقع العمل التي مروا به ولو مرور الكرام، ظناً منهم أن ذلك يدعم موقفهم في سبيل الحصول على الوظيفة المنشودة، لكن خبراء التوظيف ومسؤولي الموارد البشرية ينظرون إلى كثرة أماكن العمل التي مر بها طالب الوظيفة من زوايا مختلفة، ففي أحيان يحسب ذلك لصالح صاحب السيرة الذاتية، وفي أحيان أخرى يثير الأسئلة حول تعثره وعدم قدرته على الاستمرار في تلك المواقع عمل بها، وعلى الرغم من أن عدم الاستقرار لفترة معينة في شركة ما قد لا يكون للموظف يد فيه بالنظر إلى بيئة العمل الطاردة، إلا أن ذلك يُعد مؤشراً على عدم قدرة ذلك الموظف على التكيف مع بيئات العمل والقدرة على استيعاب ظروف العمل المحيطة. ترى متى تحسب كثرة مواقع العمل في السيرة الذاتية لصالح طالب العمل، ومتى تحسب نقطة ضعف في سيرته الذاتية؟ أكد أحمد القحطاني – متخصص في الموارد البشرية – أن احتواء السيرة الذاتية للمتقدم للوظيفة على مواقع عمل متعددة لفترات عمل متقطعة وقصيرة، وكان طالب الوظيفة حديث تخرج، فإنه إذا تم النظر إلى هذا الباحث عن عمل نظرة إيجابية، يمكن القول إن الشاب لم يجد نفسه بعد، ولا زال يستكشف ذاته، فيما إذا كانت الفرصة الوظيفية المتقدم لها مماثلة للفرص التي مر بها، فإن ذلك يعتبر دلالة سيئة بأنه قد لا يستمر، وأشار إلى أنه إذا كانت الوظيفة المتقدم لها مختلفة عن الوظائف التي مر بها الشاب، فإن هناك فرصة لأن يجد نفسه في الفرصة التالية. وأكد أن تعدد أماكن العمل قد لا يكون السبب فيها الموظف فقط، مبيناً أنها علاقة شراكة بين الموظف وبين الموارد البشرية في الشركة، مما يحتم على تلك الإدارة أن تكون بيئتها جذابة وداعمه للاستقرار الوظيفي عن طريق العدلة الداخلية في الرواتب ومسؤوليات العمل والمعاملة، وتحديد مسار وظيفي واضح لمنسوبيها. وأكد أن كثرة مواقع العمل في السيرة الذاتية تحسب على أنها عامل سلبي في حالة أن صاحب السيرة الذاتية ليس صغيراً في السن، وأن يكون قد تجاوز فترة التجربة في تلك المواقع، وقال إنه إذا كان قد تخرج منذ خمس سنوات ولم يجد نفسه بعد، فإن تعدد مواقع العمل قد يكون أمراً سلبياً في هذه الحالة، وعندها قد يحتاج الموظف إلى جلسة تحديد ميول مهنية. وأشار إلى أن تسرب حديثو التخرج من المنشآت بشكل مستمر، وكثرة تنقلهم بين منشأة وأخرى، تتحمله المنشأة التعليمية التي تخرج منها الشاب 20%، وتتحمل المنشأة التي عمل بها 80% من مسؤولية فقدانه وظيفته لغياب بيئات العمل الجاذبة التي توفر عوامل الاستقرار الوظيفي.