قالت الكاتبة المهتمة بالمسرح تركية الثبيتي: إن المسرح السعودي واجهته كثير من التحديات فجمعية الثقافة والفنون على الرغم من كل ما قدمته ومن كونها جهة رسمية لم تستطع أن تعالج غياب البنية التحتية للمسرح، وتظن أن هناك خللاً ما في البناء المؤسسي، كما ذكر المؤلف المسرحي علي السعيد في كتابه "إلى المسرح مع التحية"بأن أعضاء الجمعية في تلك الفترة لم يكونوا كافين للقيام بكل هذه المهام. وبينت الثبيتي أن البناء المادي هو التحدي الأكبر للمسرح والذي بسببه وقعت الجمعية في شرك قلة الحيلة في إيجاد مورد مادي مستقر، وبالتالي لوم الفروع لها وأن الخطأ يقع على الجميع لانعدام ثقافة الاستثمار الإقتصادي للمسرح. حيث كان الافراد الأثر الأكبر في إرساء هوية المسرح تجاوزت فيه الجهات المعنية مؤكدةً على أن تشكل الهوية مطلب عام ومهم لكل المجتمعات البشرية لأنها تمثل وجودها، وتعكس حقيقتها المطلقة فتستدعي ما يمثل خلاصة تجربة إنسانية تحاول عند كل فعل الاختلاف مع الغير وإثبات وجودها المفارق وهذا ما حاول فعله المسرح السعودي. وقالت: "تُحسب نهضة المسرح السعودي التي حققت وجوده خارج البلاد في منتصف الثمانينات من خلال جهود الدولة بجهتها الرسمية المتمثلة في الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون، وكانت أول من دفع بحضوره خارج البلاد وقادت حركة التغيير في القضايا التي تناولها وأخرجته من إطار التربية والتعليم فحدث بذلك تحول كبير انتقلت به إلى القضايا الإنسانية وما أفرزته الحالة الإقتصادية، ثم بدأت تأخذ شكلاً فلسفياً فكرياً يتناول الوجود و الإنسان". مشيرةً الى أن اللغة ساهمت بتطور واضح يحسب لصالح المسرحي فهد ردة الحارثي بمشاريعه الخاصة التي قاربت بين لغتي السرد في القصة و الحوار في المسرح، وتوظيف اللغة السردية واللغة الشاعرية وتأسيسه لما يسمى بالجملة الدرامية. واعتبرت الثبيتي أن التراث يمثل جداراً متيناً لحفظ الهوية وتأصيلها تم توظيفه في مختلف تجليات المسرح السعودي وتبرز أهم مساهمة في توظيف التراث في جهود المهرجان الوطني للتراث والثقافة "الجنادرية" وانعكس وعي المسرح السعودي بالتراث في كل تفاصيل الماضي وقد برز العديد من المسرحيين في الكتابة التراثية وعلى رأسهم محمد العثيم الذي وظف الغناء النجدي في مسرحه. وتناولت تركية في حديثها عن أهم الجهود التي سعت إلى إرساء هوية المسرح وأصلت لاسمه منها: أرشيف المسرحي علي السعيد.. ذاك الأرشيف المتخصص في المسرح ويضم ثلاثة آلاف عنوان وأكثر من ثلاثين رسالة علمية متخصصة في المسرح السعودي ومكتبة فيديو للعروض المسرحية المصورة، ويحتوي أيضاً كل ما نشر من كتيبات ونشرات وبطاقات دعوة وكرس جهوده لخدمة الباحثين في مجال المسرح في جميع أنحاء الوطن العربي ويقدم السعيد كل خدماته بالمجان. وكذلك الكاتبة المسرحية ملحة عبدالله التي أطلقت عليها الصحافة العربية لقب سيدة المسرح السعودي، مثلت علامة فارقة في المسرح العربي وقدمت كثيراً من الكتب النقدية المسرحية المتخصصة، ومئات من الدراسات العلمية و حازت على كثير من الجوائز المحلية والعربية والدولية وجهت اهتمامها إلى التراث إيماناً بقيمته. كما أصّل الكاتب المسرحي فهد ردة الحارثي عن المسرح السعودي وساهم في إرساء هويته بما قدمه من مشاريع خاصة بالنص المسرحي وخصوصاً فيما يتعلق باللغة، وما حققه من إنجازات وجوائز في جميع المهرجانات العربية أطلق عليه المجتمع المسرحي لقب عراب المسرح السعودي. وقالت: إن ورشة الطائف المسرحية أكثر الفرق المسرحية نشاطاً على مستوى المملكة، قدمت كثيراً من الأعمال خارج الوطن ونجحت نجاحاً باهرا على مستوى العرض والنص والإخراج وكان لها دوراً مهماً في تفعيل قنوات التواصل الاجتماعي من خلال الصفحات الشخصية لأعضائها حيث حولوا صفحاتهم إلى مرتع لبرامجهم ومسرحياتهم والتعريف بجهودهم من أهم هذه الصفحات صفحة الممثل والمخرج المسرحي سامي الزهراني الذي لم يأل جهداً في سبيل نشر كل ما تقدمه الفرقة كما أنشأ فيما بعد أكبر مجموعة عربية على برنامج الواتساب سماها "المسرح ثقافة"، وأيضاً المؤلف المسرحي إبراهيم الحارثي المندوب الإعلامي للهيئة العربية للمسرح بالشارقة الذي وظف صفحته في خدمة المسرح العربي عامة و السعودي خاصة. واختتمت تركية الثبيتي إلى أن المسرح السعودي ناهض بقوة كل التحديات ونجح في فرض مكانة خاصة له بين المسارح العربية وكانت جهود الأفراد أكبر وأكثر تفوقاً من جهود الجهات المعنية.