إذا تحقق التزام جميع المنتجين المشاركين في اتفاق خفض إنتاج النفط في 30 نوفمبر 2016م، فقد يتولد منه منظمة دولية تضم الأوبك وغير الأوبك من كبار منتجي نفط لتكون قادرة على زيادة استثماراتها في إنتاج النفط وتلبية احتياجات المستهلكين بشكل مستمر على أطول فترة زمنية ممكنة مقابل أسعار محفزة لها. لكن ما الذي أوصل أهم المنتجين خارج الأوبك إلى هذا الاتفاق؟ هل كان خيارهم أم أن السوق فرض نفسه على الجميع؟. فمنذ أن أعلنت السعودية في 27 نوفمبر 2014 بأنها ستعظم حصتها السوقية واستمرت في سياستها حتى تراجعت الأسعار إلى ما دون 30 دولارا ثم استقرت بعد ذلك فوق 40 دولارا لفترة كافية مكنت السوق من فرض نفسه على المنتجين من الاوبك وخارجها ليدركوا مدى أهمية التعاون والتنسيق مع بعضهم البعض من أجل بقاء الاسعار عند مستويات جيدة. لذا أعادت الدول خارج الاوبك حساباتها وقيمت العائد على استثماراتها في حالة الاستمرار بدون أي اتفاق وفي حالة الاتفاق ضمن فترة زمنية تستطيع من خلالها مراقبة تغيرات السوق. هكذا بدأت الاوبك بقيادة السعودية قبل وبعد اجتماع الجزائر بالاستمرار في سياستها للمحافظة على استقرار الاسعار ورضا عملائها، وبهذا خلقت لها قوة تفاوضية وفرصة ثمينة لتحفيز الدول المنتجة من الاوبك وغيرها على تثبيت الانتاج ثم تخفيضه بداية 1 يناير 2017. فكان التجاوب ايجابيا بموافقة الاوبك بتخفيض انتاجها بمقدار 1.2 مليون برميل يوميا وروسيا بمقدار 300 الف برميل يوميا ليصبح اجمالي تخفيض غير الاوبك 558 مليون برميل يوميا وبهذا يكون اجمالي التخفيض الكلي 1.758 مليون برميل يوميا. نعم أن أسواق النفط أقوى من هؤلاء المنتجين ولكنهم يستطيعون التأثير على الاسعار على الاقل في المدى القصير ولكنها لن تصل الى مستويات أسعار 2014، عندما وصل متوسط سعر برنت الى 98.97 دولارا، وإنما سيبقى متوسط سعر 2017 خاصة في النصف الاول فوق متوسط 2015 الذي بلغ 52.32 دولارا وأعلى من مستوى 2016م، اذا ما تم تنفيذ اتفاق خفض الانتاج وعدم استغلال الاعضاء الذين تم تثبيت انتجاهم أو إعفاؤهم من ذلك. فمازال انتاج الاوبك في ديسمبر عند 34.18 مليون برميل يوميا بانخفاض قدرة 200 الف برميل يوميا مقارنة بإنتاجها في نوفمبر، لكن وبدون شك الاتفاق سيساعد على خفض بناء المخزونات العالمية في نهاية النصف الاول من 2017م، مما يحدث توازنا بين العرض والطلب عند اسعار ما بين 54 و 56 دولارا مع نمو الطلب العالمي على النفط بمقدار 1.3 مليون برميل يوميا في نفس العام كما توقعته وكالة الطاقة الدولية.