تُعد جريمة غسل الأموال من بين إحدى أبرز الجرائم الخطيرة اقتصادياً وأمنياً وأخلاقياً، كونها جريمة منظمة تُنفذ من خلال شبكات منظمة تمتهن الإجرام ولديها قدرة عالية في التنسيق والتخطيط والانتشار في أنحاء العالم كافة، وتستفيد هذه الشبكات من عولمة أسواق المال والتطورات التقنية في المجال المصرفي. ونظراً للآثار السلبية الخطيرة لعمليات غسل الأموال على الاقتصاد والمجتمع، وإلى ضخامة حجم الأموال المغسولة سنوياً على مستوى العالم، والتي قدرها صندوق النقد الدولي (IMF) بنسبة 2 إلى 5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، تضافرت الجهود الدولية والإقليمية لمكافحة عمليات غسل الأموال، حيث أُنشِئت مجموعة العمل المالي (FATF) بنهاية عقد الثمانينيات من القرن الماضي، وأنشئت مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENAFATF) بمنتصف العقد الحالي والمملكة العربية السعودية عضواً فاعل في كلا المجموعتين. غسل الأموال عَرف النظام السعودي لمكافحة غسل الأموال، غسل الأموال على أنه ارتكاب أي فعل أو الشروع فيه يقصد من وارئه إخفاء أو تمويه أصل حقيقة أموال مكتسبة خلافاً للشرع أو النظام وجعلها تبدو كأنها مشروعة المصدر. وقد حددت المادة الثانية من النظام 25 عملاً إجرامياً يصنف ضمن أعمال غسل الأموال والتي من بينها على سبيل المثال ما يلي: * الجرائم المنصوص عليها في اللائحة التنفيذية لاتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية لعام 1988م. * تهريب المسكرات أو تصنيعها أو المتاجرة بها أو ترويجها. * جرائم تزييف وتقليد النقود. * جرائم الرشوة. * القرصنة. * الابتزاز. * جرائم البيئة. * النصب والاحتيال. * مزاولة الأعمال المصرفية بطريقة غير نظامية. * مزاولة أعمال الوساطة في الأوراق المالية وتداولها بدون ترخيص. * ممارسة أعمال التأمين بدون ترخيص. * الجرائم التجارية المتعلقة بالغش التجاري والتستر التجاري. * جرائم التهرب الضريبي. مراحل غسل الأموال تمر عمليات غسل الأموال بثلاث مراحل أساسية: 1- الإيداع- الإحلال يشمل الإيداع عملية إدخال الأموال الناتجة من مصدر غير مشروع إلى النظام المالي ويتم ذلك عادة عبر البنوك ويتحقق هذا الأمر من خلال الإيداعات النقدية، وشراء الأوراق المالية، وتبديل العملات، وشراء الأسهم أو عقود التأمين، وخدمات صرف الشيكات، والبيع بالتجزئة (من خلال عمليات البيع النقدية) وتهريب النقد بين الدول. 2- التغطية تتألف عادة من مجموعة من العمليات، تشمل تحويل ونقل الأموال بغرض إخفاء أصل مصادرها، وقد يشمل هذا الأمر ارسال حوالات برقية (تلكس) إلى بنوك أخرى، أو شراء وبيع الاستثمارات والأوراق المالية وعقود التأمين والاستثمارات الوهمية والخطط التجارية وإلى غير ذلك. 3- الدمج تشمل إعادة إدخال الأموال مرة أخرى في النظام الاقتصادي المشروع من خلال شراء السلع الثمينة وشراء الأصول أو الأسهم أو الاستثمار في العقارات أو في المشاريع. جهود البنوك السعودية في المكافحة تتبع البنوك السعودية أفضل الممارسات (Best Practices) المتعارف عليها دولياً في مكافحة عمليات غسل الأموال، وللمؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) دوراً هاماً في متابعة البنوك التجارية العاملة في المملكة، للتأكد من سلامة تطبيقها لكافة القواعد والإجراءات واتخاذها للتدابير الاحترازية، التي تمكنها من الكشف المبكر عن الحسابات المشتبه فيها. ومن بين الإجراءات والتدابير الاحترازية التي تتبعها البنوك للحد من تنفيذ عمليات غسل الأموال من خلالها ما يلي: 1- إنشاء وحدة لمراقبة عمليات غسل الأموال وتعيين مسؤول التزام داخل البنك من ضمن مسؤولياته تلقي البلاغات عند الاشتباه بحالة غسل أموال. 2- إبلاغ وحدة التحريات المالية عند الاشتباه بنشاط غسل الأموال. 3- الالتزام بتطبيق قاعدة "أعرف عميلك" (KYC) على كافة العملاء. 4- الالتزام بتطبيق العناية الواجبة بالعملاء (CDD). 5- الالتزام بتطبيق كافة التعليمات والإرشادات الصادرة عن مؤسسة النقد العربي السعودي والتي تصدر عن الجهات المختصة بمكافحة غسل الأموال.