تعمل المملكة على إجراء مجموعة من الاصلاحات الاقتصادية والمالية والهيكلية لتقليل تأثر الاقتصاد السعودي بالتغيرات السلبية في أسعار النفط العالمية ومن أهم تلك الإجراءات برنامج التوازن المالي. وتم إطلاق البرنامج كجزء من الإصلاحات المالية ويهدف إلى تحقيق ميزانية متوازنة بحلول عام 2020 من خلال عدة محاور تستهدف تعزيز استدامة الإيرادات الحكومية من خلال تنمية الإيرادات النفطية، وتحسين وترشيد الإنفاق الرأسمالي والتشغيلي، إلغاء الإعلانات غير الموجهة وتمكين المواطن من الاستهلاك بمسؤولية، إضافة إلى استدامة النمو الاقتصادي في القطاع الخاص، وكذلك دعم القطاع الصناعي. وقد بدأت الدولة في تنفيذ عدد من هذه الإصلاحات تتضمن، ترشيد النفقات الرأسمالية والتشغيلية عبر تطوير أكثر من 100 مبادرة لرفع كفاءة الإنفاق التشغيلي في قطاعات مختلفة، بالإضافة إلى إصلاح الإنفاق الرأسمالي في ثلاث وزارات رئيسية وهي الصحة والتعليم والشؤون البلدية والقروية، ومراجعة البدلات والعلاوات، وإصلاح أسعار الطاقة والمياه، حيث تم العمل بالمرحلة الأولية لتعديل أسعار البنزين والكهرباء والمياه، والإيرادات الحكومية غير النفطية حيث تم مراجعة بعض الرسوم الحالية المختلفة، إضافة إلى إعانات الأسر عبر برنامج حساب المواطن. بالإضافة إلى أخذها خطوات في مجالات أخرى لتعزيز وضعها المالي وهي الخصخصة، إصلاح القطاع العام، وسياسة إدارة الدين بالإضافة إلى دعم نمو القطاع الخاص من خلال تحويله من الاعتماد الكلي على الصرف الحكومي الى التركيز على تلبية الطلب المحلي والدولي. ومن الخطوات المستقبلية الإعلان عن المقابل المالي على الوافدين حيث تدفع المنشآت في القطاع الخاص حاليا مقابلا ماليا قدره 200 ريال شهريا لكل عامل وافد في القطاع الخاص يزيد على عدد العاملين السعوديين فيها، ومع بداية 2018م سيتم فرض رسوم تبدأ من 300 ريال على كل عامل وافد في القطاع الخاص وستزيد الرسوم بشكل تدريجي حتى عام 2020م، وتهدف الحكومة من ذلك إعطاء القطاع الخاص دافعا إضافيا لتوظيف عدد أكبر من المواطنين بالإضافة إلى ذلك ستطبق رسوم قدرها 100 ريال على كل مرافق أو مرافقة لكل وافد بدءا من منتصف العام القادم، وذلك للحد من التأثيرات على الأسر التي لديها أطفال ملتحقين في المدارس. وسيتم أيضا تطبيق ضريبة القيمة المضافة على جميع المنتجات والخدمات في الربع الأول من 2018 تماشيا من اتفاق دول مجلس التعاون الخليجي، وسيتم استثناء قرابة 100 سلعة أساسية من الضريبة. مع بداية الربع الثاني من عام 2017م ستطبق ضريبة السلع المنتقاة على السلع المتعلقة بالمنتجات الضارة مثل التبغ والمشروبات الغازية ومشروبات الطاقة وتدرس الحكومة توسيع نطاق الضرائب لتشمل المشروبات والمأكولات السكرية التي تسهم في ارتفاع معدل انتشار السمنة والسكري في المملكة. وقد شهد العام 2016م تنفيذ المرحلة الأولى من فرض رسوم التأشيرات ورسوم الخدمات البلدية والقروية ومن شأنه أن يساهم تحصيل هذه الضرائب والرسوم الجديدة في تعزيز الإيرادات الحكومية غير النفطية، والذي يتوقع أن تصل الإيرادات الإضافية إلى 152 مليار ريال بحلول عام 2020م. وقبل أيام تم الإعلان عن ميزانية هذا العام لتمثل أول ميزانية بعد إقرار مجلس الوزراء لرؤية المملكة 2030 في ابريل الماضي، كما كلف مجلس الشؤون لاقتصادية والتنمية -حينها- بوضع الآليات والترتيبات اللازمة لتنفيذ هذه الرؤية ومتابعة ذلك، لذا أعيدت هيكلة بعض الوزارات والجهات الحكومية بما يتوافق مع متطلبات هذه المرحلة، لتحقيق الكفاءة والفاعلية في ممارسة أجهزة الدولة لمهامها واختصاصتها. وقد جاءت الميزانية على شكل خارطة طريق طويلة الأمد تهدف إلى القضاء على العجز وتقليل الاعتماد على النفط وتحقيق ميزانية متوازنة بحلول العام 2020م، وذلك من خلال تدابير إصلاحية تسعى إلى ضبط الإنفاق الحكومي وتعزيز الإيرادات غير النفطية باعتباره المحرك الرئيس للنمو الاقتصادي.