على غير المعتاد سأبدأ من الآخر وأقول بأن أحد أسباب تأخر (بعض) وسائل الإعلام العربيّة بما فيها المحليّة هو استسهال دخول وقبول كل من هبّ ودب لهذا الحقل المغري. بالفعل ما أسهل أن تكون إعلاميا في عالمنا العربي المُدهش ثم لك الحُرية في أن تقول ما شئت كيفما شئت أينما شئت. كأنني بهذا أعود للحديث عن المحتوى مرة أخرى بعد أن تحدّثت عن محتوى وسائل التعليم. المحتوى الذي تقدمه اليوم وسائل الإعلام العربي أيها السادة ليس مهماً لدى من يُعد البرامج الحوارية أو ما يُسمى بالتوك شو (إناثا وذكورا). المهم لديهم/ لديهن هو ملء فراغ زمن الحلقة. لا يهم ماذا سيُقال. المهم عندهم/ عندهن أن يقال أيّ كلام. أعاني وربما معي الزملاء الذين نُطلب كضيوف لمثل تلك البرامج من سوء فهم تخصصاتنا ككُتّاب من بعض المعدين/ المعدات. يتصلون على سبيل المثال لطلب الحديث عن ميزانية الدولة، وحين تقول لهم بأنك لست متخصصا في الاقتصاد أو شؤون المال يقول/ تقول ألست الكاتب الفلاني؟ نعم، الكاتب الفلاني ولكن هناك مجالات لا ينفع فيها إلا المتخصص حتى يكون مقنعا للمتلقي أو المشاهد. الرد: لكن بإمكانك الحديث بصفة عامة عن الميزانية كلها كم دقيقة و(سلامو عليكم)!! يريدونك (فقرة) تسد الفراغ وبالتالي لا يعنيهم ماذا ستقول. نعم لا يعنيهم المحتوى وقد لا يعرفون في بعض الأحيان ماذا قلت لأنهم بكل بساطة لم يتابعوك. لقد انتهت علاقتهم بك لحظة دخولك الاستوديو. في بعض الأحيان يتصلون عليك للتعليق مثلاً على حدث سياسي وقع في زيمبابوي وحين تشرح لهم بأنك لست مختصا بالشؤون السياسية عامةً والأفريقية على وجه الخصوص يعترفون على استحياء بأن الضيف الأساس حصل لديه ظرف ويريدونك بدلاً عنه بمعنى آخر (استبن)!! لا تجزع (على وزن لا تحزن) فهذا يحدث للجميع. حين تعتذر بأدب يسألونك: طيب مين ترشّح لنا؟؟؟ يا ساتر.... هل هذا بالفعل إعلامٌ يحترم نفسه ومن ثم سيحترم عقول الناس؟