لم تكن من العادات المستحسنة، ولا المتعارف عليها في نجد، أن يُباع الطعام الجاهز ، بما في ذلك رغيف الخبز. على أساس أن الطعام الجاهز قِراء الضيف، وليس تقديمهُ بثمن. حتى أن بعض المنازل التي اعتادت تجهيز، وبيع خبز التنور، كانت تتوقع الزبائن أن يكونوا فقط من الأغراب، أو سائقي سيارات الشحن. ولذا على المشتري أن يقرع باب الأسرة ويذكر طلبه. ومع أنه لا يوجد ما يمنع ذلك نظاما، أو ينكره شرعا، إلا أن عادة بيع الخبز من فرّان، أو مخبز مفتوح الأبواب، أخذت بعض الوقت كي تستقرّ، ويقبلها الناس. لعل من بين اسباب ندرة المخابز قديما، أن المرء لايريد أن يُظهر للحارة وسكانها، أن أهل بيته عاجزون عن العجن، والخبز، والتحضير المطلوب. وبعد أن جاء إلى عنيزة مثلا رجلٌ من الحجاز، وفتح مخبزا طال وقت انتظاره للربح، لأن الناس لم يتعوّدوا على شراء الطعام الجاهز، بما في ذلك الخبز. والفران قديما، يجيد الحفاظ على فتح باب مخبزه، مع انشقاق نور الصباح، ويُجهز المتوقع من طلبات أهل المحلة. لكنه يُشغل نفسه فقط في الخبز، وليس بالفطائر المختلفة كما هي الحال في وقتنا. ولم تكن نوعية الخبز تُعطي خيارا للمستهلك، فلم يكن ليوجد " صامولي " أو " توست " (لاحظوا جميع المنتجات الحديثة تأخذ أسماء ليست عربية). شخصيا، لا زلتُ أُفضل الخبز المدوّر على غيره، مثل " الكروسان "، الخبزة التى حتى شكلها يُشبه حيوانا بحريّا، ولا ندري كيف هبطت تلك" الماركة " على أواسط نجد. شخصيا أتمثل بالشاعر ابن الرومي وهو يصف العمل المتعوب عليه للخباز. يقول : - ماأنسَ لا أنسَ خبازاً مررتُ به يدحو الرُّقاقة َ وشكَ اللمحِ بالبصرِ ما بين رؤيتها في كفه كرة ً وبين رؤيتها قوراءَ كالقمر إلا بمقدارِ ما تنداح دائرة ٌ في صفحة الماء يُرمَى فيه بالحجر والحجاز أعطانا خبز التميس ، لكنى عاجز عن فهم كونه لا يؤكل إلا مع الفول. وقد كنا نتناول الاثنين بشراهة، أيام كنا نُنتدب مع مكتب وزير المعارف إلى الطائف وجدّة. ويتندر اهلها بفلوكلور يقول : - حنّ قلبي على الفول ، والتميس البخاري.