المياه آية من آيات الله الكبرى, فلا يمكن أن تستمر الحياة بكافة صورها وأشكالها بغير المياه. وهذه حقيقة أكدها القرآن الكريم في محكم آياته, حيث قال سبحانه وتعالى: (.... وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون) الأنبياء: 30 ومن الظواهر المائية الغريبة وجود بحر مالح وبحر شديد الملوحة وبينهما فاصل واضح. ففي منطقة خليج آلاسكا شمال المحيط الهادي, التقط العلماء صوراً فضائية للبرزخ المتشكل من البحرين, حيث يظهر البحر شديد الملوحة بلون غامق أو قاتم, بينما يكون البحر قليل الملوحة ذا لون فاتح. أما البرزخ فيظهر واضحا بين البحرين. وقد حيرت هذه الظاهرة المائية العلماء, ولم يجدو لها تفسيراً علميا مقبولا. وقد وضعوا على سبيل التجربة ماء عذباً وآخر مالحا فاندمجا تماما, ولم يظهر بينهما أي برزخ مهما كانت المياه الممزوجة. ويظهر البرزخ في بعض المناطق في العالم نتيجة لفارق الملوحة والكثافة على كلا البحرين مما يؤدي إلى تشكيل برزخ يشبه الجدار الصلب بينهما. وبالرغم من التداخل بين مياه البحرين, إلا أن هذا البرزخ يحافظ على شكله ومظهره, ويمكن رؤية هذه الظاهرة المائية بوضوح من خلال انعكاس ضوء الشمس. كما يمكن رؤية هذه الظاهرة المائية أيضاً من خلال اتصال مياه البحر المالحة بمياه الأنهار أو مياه العيون الجوفية دون أن يحدث خلط بينهما, ومن أشهرها ما يحدث من مرج مياه نهر النيل بمياه البحر المتوسط بالقرب من مدينة دمياط برأس البر, وكذلك من خلال مرج مياه العيون المتدفقة من جبال الصحراء الشرقية بمصر خلال مسيرتها للبحر الأحمر في منطقة العين السخنة القريبة من مدينة السويس. ومن أمثلة المرج وظهور البرزخ ما يحدث بين مياه البحر الأبيض المتوسط الساخنة والمالحة مع مياه المحيط الأطلسي الأقل ملوحة والأكثر برودة, ويظهر ذلك في منطقة جبل طارق. وهناك منطقة البرزخ في المنطقة الواقعة بين الخليج العربي وخليج عمان. وقد صور القرآن الكريم هذه الظاهرة المائية قبل أربعة عشر قرناً في قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَّحْجُورًا) الفرقان: 53 وكذلك في قوله: (أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزاً أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) النمل: 61