في عالم يموج من حولنا بكل شيزوفرينيا الاضطرابات والقلاقل، تقف المملكة صامدة بوجه كل المحاولات والتشكيكات، مثلما وقفت قبل عقود بمواجهة الإرهاب الأسود، فكراً وتنظيمات، ومليشيات تكفيرية، محذرة العالم من أن مغبة السكوت أو التواطؤ، لن تبرِّئ أحداً، بمثل ما أن نيران الإرهاب المشتعلة لن تستثني أحداً في أي مكان بهذا العالم المتناقض. اتهامات كثيرة مغرضة، تعرضت لها المملكة، من قبل خبثاء إقليميين، ومتورطين محليين، ومغرضين عالميين، كانت كلها تستثمر أحداثاً فردية، لتسيء إلى الثوب السعودي الناصع، وتمارس التدليس والتزوير والكذب العلني.. ومع ذلك، استطاعت المملكة أن تقنع العالم بأن هذه الموجة الظالمة ليست إلا قناعاً يتستر وراء أجندات أخرى، هدفها في المقام الأول الإساءة للدين الإسلامي الحنيف، وتشوه قيمه الإنسانية والأخلاقية وأسلوبه في التعايش المتسامح بين الجميع. كل هذا برز مجدداً، وهذه المرة من تحت قبة مجلس الشورى، حيث كان الخطاب الملكي الأخير في افتتاح أعمال السنة الأولى من الدورة السابعة للمجلس، حزمة رسائل متنوعة للداخل والخارج حول مختلف القضايا الإقليمية والدولية، والاقتصادية. رمز البلاد وقائد مسيرتها النهضوية، الملك سلمان بن عبدالعزيز، خاطب الشعب السعودي، من على منبر مجلس الشورى، مجدداً استمرار المواجهة الحازمة للمملكة قيادة وحكومة وشعباً، ضد كل مَن يدعو إلى التطرف أو الغلو في الدين، سعياً لتطبيق دين الوسطية، بكل قيمه وتعاليمه وأخلاقياته. هذه الإشارة الأولية، ترسخ المبدأ العام للسياسة السعودية الراهنة، والتي تعني الانتباه لكل محاولات اختطاف الدين الإسلامي الحنيف، على يد منظري التضليل وداعمي التكفير، الذين وقعوا أسرى الغلو والتطرف، ولي أعناق النصوص الدينية لخدمة أهدافهم الشخصية والدنيوية، لتكون هذه الرسالة السامية، نصب أعيننا جميعاً، باعتبارنا الأولى بالتصحيح، والأجدر بالمواجهة من واقع التشريف الإلهي بخدمة الحرمين الشريفين ومسؤولية رعاية البقاع المقدسة. هذه كانت الرسالة المبدئية، تبعتها إشارة طمأنة، بشأن الإصلاحات الاقتصادية التي قال- يحفظه الله-، إنها تعتمد على إعادة توزيع الموارد بشكل عادل، كما أن "رؤية 2030" تهدف لتقديم سبل العيش الكريم، موضحاً أن سياستنا الداخلية تقوم على تنويع مصادر الدخل ورفع إنتاجية المجتمع.. مؤكداً للجميع أن "الظروف التي نمر بها حالياً سنتجاوزها مستقبلاً". وأضاف بلهجة الواثق، مخاطباً كل مواطن: "بلادكم تسير بخطى ثابتة للتكيُّف مع التحديات"، ودعم مهمة المجلس بأن على الجهات كافة تزويده بما يحتاج إليه من تقارير، لترسيخ دوره التشريعي والرقابي. إنها كلمات ورسائل غاية في الأهمية، تستنهض همم أبناء الوطن على امتداد رقعة بلادنا، وتؤكّد المُضي في تنمية الوطن والحفاظ على أمنه واستقراره في عالم مضطرب يموج بالصراعات والتحديات.