نيودلهي ما غيرها عاصمة الهند.. الهند هندك إذا قلّ ما عندك. تلك المدينة المكتظة بالبشر والسيارات، أما العاصمة الأخرى فهي الرياض قلب بلادنا ودرّة تاجها. حكاية اليوم لا تُقارن بين العاصمتين إطلاقا وفي أيّ مجال كان ولكن فقط في مشترك هاجس تلوث الهواء بينهما. في طرقات وأزقّة وممرات كلا العاصمتين اكتظاظ هائل بكافة أنواع المركبات وبالتالي تلوث الهواء. هاجس الخوف من أضرار هذا التلوث يُسيطر على أذهان مسؤولي السلطات في نيودلهي ولا أعرف عن مستوى ذلك الهاجس في الرياض. نيودلهي تحرّكت وفعلت ما يُنبئ عن الاهتمام بخفض نسبة ذلك الخطر. بينما عاصمة بلادنا دُرّة الصحراء لم تفعل شيئاً ملموسا يُطمئن الناس على جودة الهواء فيها. اقرأوا معي إن شئتم هذا الخبر الذي طيّرته وكالات الأنباء من نيودلهي في شهر نوفمبر الفارط: "بدأت السلطات في نيودلهي إلغاء تراخيص آلاف المركبات التي تعمل بوقود الديزل، وأوقفت الأعمال الإنشائية في شبكة مترو الأنفاق في حين مازال تلوث الهواء أعلى بكثير من المستوى الآمن، هذه الإجراءات هي أحدث محاولة لتبديد سحابة تلوث كثيفة من الدخان والغبار والملوثات الأخرى التي تغطي سماء العاصمة منذ أكثر من أسبوع (وقت النشر) مما أثار حالة غضب عامّة" الى آخر تفاصيل الخبر. أعود للعاصمة المتروبوليتانية الرياض لعلي ألمس/ أسمع/ أقرأ ما يفيد بتحركٍ من أيّ نوع ومن أيتُها جهة حول تبديد سحابة الدخان الصباحية المسائية التي تغطي قبة السماء فيها "ولم أجد لا حس ولا خبر" وكأن قدرنا أن نتنفس مع الهواء أخطر (5) عناصر مُلوّثة: أول أكسيد الكربون، الرصاص، أكاسيد النتروجين، المُركّبات العضوية المتطايرة، ثاني أكسيد الكبريت، وغالبا تكون انبعاثات السيارات هي المصدر رقم (1) في تكوينها حسب وكالة حماية البيئة الأميركية. أما المركبات (الديزليّة) الذي تحاول نيودلهي سحب تراخيصها فحدّث عنها ولا حرج هُنا في بلادنا. سيارات صغيرة من كل نوع بجانب المركبات الضخمة التي تتلوى على الطرقات وتطلق آلاف الأطنان المترية من الأدخنة الخانقة ولا تسترعي انتباه أحد غير (المصدورين) أولئك الذين تغص بهم أقسام الطوارئ في المشافي العامة. بقي أن أقول في هذه الحكاية الطويلة إن أعجب ما رأيت مشهد بقايا سيارات تزحف كالسلاحف في الشوارع الرئيسة (عندنا وليس عندهم) وخلفها سُحب من الدخان الأسود تتهادى أمام رجل المرور وهو محدودب على هاتفه الخاص هاشاً الدخان عنه وكأنه يتبخّر عود كمبودي في صالة أفراح. دامت أفراحكم يا أهل نيودلهي. [email protected]