بموازاة إجتماع قادة العالم في باريس للتحدث حول التغيير المناخي قبل اسبوعين، أعلنت بكين انها تعمل بالتحذير «البرتقالي» من التلوث، وهو ثاني أعلى المستويات. فأغلقت طرقاً سريعة وعلقت أعمال البناء ونصحت سكانها بعدم الخروج، اذ يقتل تلوث الهواء في المتوسط اربعة آلاف شخص يومياً في الصين. وتزداد الانبعاثات فوق شمال الصين أثناء الشتاء مع تشغيل أنظمة التدفئة في المدن، علاوة على أن بطء حركة الرياح يعني أن الهواء الملوث لا ينقشع. وهذه هي المرة الأولى خلال هذا العام التي ترفع فيها السلطات الصينية التحذير إلى المستوى «البرتقالي»، وهو الثاني بعد الأحمر شديد الخطورة. ويجد سكان بكين البالغ عددهم 22.5 مليون شخص صعوبة في التنفس، نتيجة الهواء الملوث. وارتفع مؤشر جودة الهواء في بعض أنحاء بكين انذاك إلى 500 وهي أعلى قراءة ممكنة له. وعند المستويات الأعلى من 300 تنصح الحكومة السكان بعدم الخروج. ويفكر بعض المغتربين في مغادرة الصين إلى الأبد، إذ قال الكوري جيه كيم الذي يعمل في الصين منذ أكثر من عشر سنوات، إنه أُصيب بالتهاب الجيوب الأنفية والربو خلال فترة مكوثه في بكين أخيراً، نتيجة تنفس هوائها الملوث». وذكر موقع «وكالة حماية البيئة» الاميركية، ان نسبة التلوث هي جسيمات مجهرية او جزيئات موجودة في الهواء مثل، الغبار والأوساخ والسخام والدخان، اذ تؤدي الاعمال التي يقوم بها الانسان، والتي تنبعث منها ملوثات بالتفاعل مع الهواء في الجو مسببة تشكل الاوساخ التي تلوث الجو. وتصنف الوكالة الأجواء الحاصلة على أقل من 50 نقطة بالجيدة، فيما تصنف تلك التي يرتفع فيها المؤشر ليتأرجح بين ال 50 و100 بمتوسطة الجودة. والجسيمات التي يبلغ قطرها أقل من 10 ميكرومتر، تشكل مصدر قلق لصحة الانسان اذا استنشقها لانها تبقى داخل الجهاز التنفسي، اما الجسيمات البالغ قطرها اقل من 2.5 ميكرومتر لاتشكل خطراً. وبكين ليست الوحيدة، اذ اعلنت السلطات في تشيلي حزيران (يونيو) الماضي، حال طوارئ بيئية في العاصمة سانتياغو مجبرة أكثر من 900 صناعة على وقف نشاطها في شكل موقت ونحو 40 في المئة من سيارات العاصمة التي يبلغ عددها 1.7 مليون سيارة على التوقف. وفي الهند، يعتبر هواء العاصمة نيودلهي ثاني أكبر مسببات الوفاة في البلاد، بعد الأمراض القلبية، إذ تحصد أمراض الأجهزة التنفسية 1.3 مليون نسمة سنوياً. وكانت أرقام قديمة متداولة تضع العاصمة الصينيةبكين على رأس قائمة المدن الأكثر تلوثاً، فيما أكدت الأرقام الجديدة التي بدأت قنوات تلفزيونية هندية تناقلها أن مقياس جودة الهواء في نيودلهي يبلغ ضعف نظيره في بكين. وأظهرت دراسة نشرتها مجلة «نايتشر» العلمية في أيلول (سبتمبر) الماضي، أن أكثر من ثلاثة ملايين شخص يموتون سنوياً بسبب تلوث الهواء الخارجي، ما يفوق عدد الوفيات الناجمة عن مرضي الملاريا والإيدز مجتمعين. وأوضحت النتائج أن إشعال الخشب والفحم لتدفئة المنازل هو السبب الأكبر للوفاة في آسيا. ووفق دراسة صادرة عن «منظمة الصحة العالمية»، لقي حوالى 7 ملايين شخص حتفهم في 2012 بسبب تلوث الهواء، موضحة ان منطقة آسيا هي الأكثر تأثراً مع 5.9 مليون حالة وفاة. وأظهرت دراسة حديثة اخرى، نشرت في مجلة «ساينس أدفانسيز» أن نسبة تلوث الهواء في أجزاء من الشرق الأوسط انخفضت في شكل ملحوظ في السنوات الخمس الماضية بسبب النزاعات المسلحة، وخصوصاً في سورية. وأوضحت الدراسة، أن «المنطقة شهدت انخفاضاً واضحاً في نسب انبعاث أوكسيدات النايتروجين»، عازية ذلك إلى الحروب والتراجع الاقتصادي والنزوح البشري الذي شهدته المنطقة في السنوات الماضية.