أقصد تلك الهياكل الحديديّة على هيئة سيارات، بل هي بقايا سيارات.لا أعرف صدقاً كيف يسمح المرور لهذه الهياكل بالسير. من الذي رخّص لها؟ الأشد غرابة أن تلك السيارات تتمخطر أمام دوريات المرور مطلقةً خلفها سحابة من الأدخنة السامة ومع هذا تمر مرور الكرام ! ألا تعرفون مدى الضرر الكبير الذي تحدثه هذه الأدخنة في صحة الناس وخصوصاً الأطفال ومن لديه حساسية أو مرض في الصدر؟؟ ألا تعرفون الأضرار البيئية المتعددة الناجمة عن عوادم تلك السيارات؟؟ إذا لا تعرفون دعوني أُحدّثكم بهذه العُجالة عن بعض تلك الأخطار. قسّم الدكتور محمد احمد جمعة في كتابه تلوث البيئة (منشورات مكتبة الخريجي) أثر ملوثات الهواء على الإنسان والحيوان إلى خمس مجموعات هي ( المواد المهيجة، الخانقة، والمخدرة، السامة، المواد الصلبة غير السامة). من المواد الخانقة على سبيل المثال (أول أُكسيد الكربون) وهو الملوث للهواء الذي ينفرد بصنعه الإنسان عن طريق عمليات الاحتراق حيث يتأكسد الكربون جزئياً إلى أول أُكسيد الكربون بدلاً من الأكسدة الكاملة إلى ثاني أُكسيد الكربون. ويشير الدكتور جمعة إلى أن المصدر الرئيس لأول أُكسيد الكربون(80%) هو السيارات. هذا في حالة كون احتراق الوقود صحيحاً أما في حالة تلك السيارات المتهالكة فالمؤكد أنها تُطلق من الغازات السامة ما الله به عليم. في عاصمتنا تقوم الهيئة العليا لتطوير منطقة الرياض بين آونة وأخرى بقياس التلوث وحسب علمي أن تركيز الملوثات عال جداً في الهواء الذي نستنشقه. أنا لا أتهم تلك الهياكل الخربانة لوحدها في كل هذا التلوث لكنها قطعاً سبب رئيس يجب الالتفات إليه ووضع الحلول المناسبة لكي ننقذ ما يمكن إنقاذه قبل أن يتسع الشق على الراقع حينها لن ينفع الندم. أرجو أن لا يخرج من يقول إن تلك المركبات المتهالكة هي وسيلة نقل الفقراء والضعفاء غير القادرين على شراء سيارات ذات موديلات جديدة. فأقول إن حوالي 90% من الذين يقودون هذه السيارات هم من الإخوة العمّال الوافدين إذ يجتمع نفر منهم يتشاركون في شراء (خردة) من مقبرة السيارات، يقومون بترميمها ومن ثم يستخدمونها للنقل وحمل معدات البناء والأخشاب وغيرها. أليس الأولى استفادة قطاع النقل الداخلي من هؤلاء الذي يحولون المليارات خارج بلادنا؟ يا مرورنا العزيز بدلاً من الاهتمام بتنظيف المدن من السيارات الخربة المتوقفه. نظّفوا شوارعنا من تلك (البقايا) المتحركة التي تنشر المرض والموت وإعاقة حركة السير.