يقول الشاعر الروماني القديم اولوس بيرسيوس (34-62 ق.م): دعهم ينظرون إلى الفضيلة ويتحسّرون لأنهم قد تخلّوا عنها. وهذا ما أخشى بأنه قد أصاب مجتمعنا اليوم. لقد كشفت وسائل التواصل الاجتماعي وشبكاته كل مستور. الغريب أن البعض يصر بكل قصد على التعرّي الأخلاقي والفكري ويفضح نفسه أمام الملأ. وحين تزكم الفضيحة الأنوف يبدأ بالتحسر والندم ولات حينها ساعة مندم. كنا إلى عهد قريب نفاخر بمجتمع يتمتع معظم أفراده بمكارم الأخلاق وإذا بنا نهوي بسرعة وتتكشف سوءاتنا ويختفي العيب من قاموس حياتنا. من المؤلم القول بأنها تلك بضاعتكم رُدّت اليكم، أقصد الآباء والأمهات ومؤسسات التربية والتعليم. أذكر بأنني قد كتبت مرّة عن العيب وقلت بأن مجتمعنا محظوظ حين يخشى أفراده العيب بل إن البعض يخشى العيب أكثر خشيةً من عقوبات القانون وأسميته الرادع الرابع. فأين من يخشون العيب اليوم بل ما هو العيب أصلا؟ أبهجني قراءة خبر نُشر في هذه الجريدة يوم الاثنين الفارط من هذا الأسبوع عن عقد مؤتمر بعنوان "ضوابط استخدام شبكات التواصل الاجتماعي في الإسلام". في ظني أن من فكّر في عقد هذا المؤتمر قد وصل به الاستياء إلى منتهاه. إذ لا يمكن التفرّج والسكوت على ما يجري وبدلا من البكاء على اللبن المسكوب قالوا دعونا نحافظ على ما في الإناء من بقيّة. يقول الدكتور صالح بن حميد وهو العلم الاسلامي المشهور متحدثا عن المؤتمر "تعد شبكات التواصل الاجتماعي من أكثر الوسائل انتشاراً وتأثيراً في الواقع المعاصر، مما يوجب على المختصين العناية بإعداد الدراسات والبحوث التي تؤدي إلى التعامل بالإيجابية مع هذه الشبكات وما تتضمنه من قضايا وموضوعات، فشبكات التواصل أصبحت من نوافذ التأثير والتلقي، بل وتشكيل الرأي نحو كثير من القضايا".. دراسات وبحوث تؤدي إلى التعامل بإيجابية مع هذه الشبكات. هذا ما كنا نطالب به منذ بدأت تلك الوسائل تتناسل كالأرانب وتؤثر في الواقع المعاصر حسب كلام الشيخ الدكتور. المنع وسيلة العاجز ومن الصعوبة السيطرة على ذلك الفضاء الهائل والمفتوح ولكن هناك أكثر من وسيلة لتصحيح المسار ولعل ما يخرج به المؤتمر بداية للتصحيح المهم ألاّ تكون التوصيات مجرّد حبر على ورق. [email protected]