لم يعد هناك من يحترم التاريخ ويؤمن بالأرقام ويثق بالبطولات، ويحتفي بالمنجزات والألقاب على مستوى الرياضة السعودية، تاريخ مبعثر ومشوه، أوراق كادت أن تتمزق في أدراج النسيان وسوء التوثيق وغياب الوعي وأهمية هذا الإرث الذي يفترض أن يكون ماثلا أمام الأجيال المتعاقبة بمصداقيته وقيمته في كل وقت، لماذا يحدث هذا في رياضة يفترض أن تواكب الاحترافية في العمل والتدوين ورصد الأحداث والبطولات بكل دقة؟.. لأن الإعلام والجمهور لم يعد همه الأول المصداقية وعزل "الحب عن التبن"، همه أن يرى فريقه بالمقدمة في عدد الانتصارات والبطولات وبأي طريقة كانت. تشكيل لجنة توثيق -وإن اختلف حولها البعض من أجل أنديتهم لا من أجل تنقية وتنقيح التاريخ وضرورة توثيقه- يعتبر خطوة مميزة وشجاعة لهيئة الرياضة التي يحسب أنها كانت حازمة في هذا الأمر، أصرت على العمل وإعلان النتائج، منذ تشكيل اللجنة وطوال عملها لم يحتج ويعترض أحد، ومجرد أن شعر البعض بالخطر وأن بطولاته الوهمية خارج نطاق البطولات المعتد بها قاريا ودوليا ارتفع صراخهم وتكاثرت اتهاماتهم وشحذوا الهمم لتشكيل تكتل في "تويتر" وإنشاء "هاشتاقات" متفق عليها وفي مختلف وسائل الإعلام، هذا لا ينم عن احترام للتاريخ النقي من الشوائب والبطولات المعتبرة، إنما يؤكد أن هناك من يريد التعاطي مع التاريخ الرياضي حسب ميوله، لذلك نال رئيس هيئة الرياضة الأمير عبدالله بن مساعد، ورئيس لجنة التوثيق وأعضاء فريق العمل ما نالهم من التجاوزات والإساءات والسب والشتم، من إعلاميين وجماهير ومسؤولي بعض الأندية وكأنهم ارتكبوا جريمة تستوجب العقاب. لماذا صرخ هؤلاء وتجاوزوا بلا حسيب ولا رقيب ورد لاعتبار المتضررين؟... لأنهم أدركوا أن حبل الكذب قصير وأن التدليس ومحاولات التزوير مهما طالت ستنكشف، وتظهر على حقيقتها حتى لو مارس البعض "الفهلوة". من حق أي ناد سعودي أن يحافظ على منجزاته ويحق له التباهي بها، ولكن الآلية التي اتبعتها هيئة الرياضة وضعت الأمور في نصابها الصحيح، وصرنا نميز بين البطولات الكبيرة الرسمية، وبين المراكز والمشاركات التي تم تجييرها على أنها بطولات رسمية يجب احتسابها ب"القوة" وليس وفق الآليات المتبعة على مختلف المستويات، من يصدق أن دوري منطقة يفترض أن يمتد إلى نهاية منافساته "على مستوى المملكة" قسم إلى بطولتين "تصفيات ونهائيات" بدلا من بطولة واحدة متصلة في أدوارها، ومن يصدق أن هناك بطولة فاز بها فريقان في موسم واحد، أيضا من يصدق أن فريق "أ" و"ب" من فريق واحد تقابلا في مباراة واحدة على دورة تنشيطية ففاز الأخير واعتبرت بطولة تسجل باسم النادي؟.. أليس هذا عبث بالتاريخ وخلط لأوراقه وتقزيم من قيمة البطولات المعتمدة دوليا وقاريا؟ هناك بعض المسؤولين الذين عملوا في رعاية الشباب سابقا واتحاد الكرة واللجان ظهروا ينتقدون عمل لجنة التوثيق، وليتهم وثقوا التاريخ في عهدهم أو مباركة تحركات اللجنة الحالية، بدلاً من الفوضى التي كادت أن تضربه وتلغيه تماماً بسبب الإهمال وسوء الرصد.